النقض بالنسبة إلى آثار اليقين ـ طريقا آخر وهو جعل مفهوم اليقين حاكيا ومرآتا للمتيقّن، لا كما ذكرنا من كون مصاديقه مرايا للمتيقّنات ، قال قدسسره : وذلك لسراية الآليّة والمرآتيّة من اليقين الخارجي إلى مفهومه الكلّي ، انتهى.
وما ذكره من السراية وإن كان حقّا ، ولهذا كثيرا ما في مقام التعبير عن حكم نفس الشيء يطلق اليقين ، كما في موارد دخالته في الموضوع بنحو الجزئيّة أو الاستقلال ، فيقال مثلا : إذا رأيت زيدا فبلّغه السلام ، فإنّ الرؤية لم يؤخذ في هذا الكلام إلّا طريقا صرفا للمتعلّق ، فالموضوع هو الزيد ، لا الزيد المرئي ، ولكن لا يخفي اتّحاد هذا الطريق مع ما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره ، غاية الأمر أنّه التزام بالمجاز في كلمة اليقين ، حيث اريد به المتيقّن ، وعلى هذا لا مجاز مع إمكان إرادة الشيخ أيضا عدم المجازيّة.
وبالجملة ، كلا الطريقين شريكان في أنّ المتكلّم قد حمل خطاب «لا تنقض» على نفس المتيقّنات من الطهارة وحياة الزيد وغير ذلك ، فيجيء ما ذكره الشيخ من أنّ المناسبة لمادّة النقض مخصوصة بموارد إحراز المقتضي ؛ إذ مع فرض كون اليقين في موضوع القضيّة ملحوظا على وجه الطريقيّة ، فلا يمكن ملاحظة المناسبة في مادّة النقض معه ، لتوقّفه على استقلال النظر ، فتحقّق أنّ المحيص منحصر في ما ذكرنا ، هذا.
بقي في المقام إشكال آخر وهو أنّه مع تعلّق النقض بنفس اليقين أيضا يكون المناسبة في ما إذا احرز المقتضي أتمّ من صورة الشكّ فيه ، ببيان أنّ اليقين في الاستصحاب لم ينتقض بالشكّ ؛ لأنّ اليقين متعلّق بالحدوث والشكّ بالبقاء ، وحينئذ ففي مورد كون المتيقّن ممّا له شأنيّة البقاء فكأنّ اليقين تعلّق بالبقاء أيضا فانحلّ وانفصم بواسطة الشكّ في البقاء من جهة الشكّ في رافعه ، وليس هذا في مورد ليس له شأنيّة البقاء.
والجواب أنّ مصحّح النقض في كلا الموردين أمر واحد مشترك بينهما ، وهو كون الحدوث والبقاء للعدالة القائمة بالزيد مثلا ليس في نظر العرف كعدالة زيد وعدالة بكر موضوعين حتّى لا يكون ارتباط لليقين بأحدهما بالشكّ في الآخر ، بل هما عندهم أمر واح ، فلا محالة يكون الشكّ ناقضا لليقين بهذا الاعتبار ، من غير فرق بين الشكّ في المقتضي والشكّ في الرافع.