زوال النجاسة ، فكيف نحكم بأنّ موضوع هذه النجاسة المشكوكة هو الماء ، فادّعاء ذلك مساوق لادّعاء أنّ العرف لا يرى التفاوت بين المطلق والمقيّد ، بل لا حاجة حينئذ إلى التشبّث بذيل الاستصحاب ، بل نتشبّث بنفس دليل نجاسة الماء المتغيّر.
لأنّا نقول : المقصود أنّ العرف بعد جزمه بأنّ الموضوع المقيّد والموضوع المطلق متغايران لا يراهما موضوعين كزيد وعمرو ، ولا يرى بينهما المباينة والتعدّد الموضوعي بحيث لا يرى بينهما هذيّة محفوظة.
مثلا لو علّق البيع بهذا الفرس بشرط كونه عربيّا ، فتبيّن أنّه عجميّ ، فهو يفهم أنّ واجد القيد غير فاقده ، ولكنّه لا يرى هذا الفرس غيره في حال العربيّة مثل تفاوت الفرسين، بل يقول : هذا هو الذي وقع العقد عليه ، فوجه عدم التشبّث بالدليل أنّه قد أخذ فيه القيد، والمفروض انتفائه ، والمقيّد لا يصدق على فاقد القيد ، فلا يمكن التمسّك بإطلاق الدليل.
وأمّا التمسّك مع ذلك بالاستصحاب مع احتمال دخالة القيد حدوثا وبقاء فهو أنّ هاهنا هذيّة محفوظة ، ولهذا لو قطع بأنّ القيد دخيل حدوثا وبقاء يصدق عند العرف عنوان الارتفاع والذهاب ، ولو قطع بعدم دخالته بقاء يصدق عندهم عنوان البقاء ، وهذا كاشف عن محفوظيّة الموضوع ، فلو شكّ في الأمرين فلازمه الشكّ في البقاء والارتفاع ، ولازم ذلك أن يصدق على عدم ترتيب العمل السابق أنّه نقض عملي.
إذا عرفت ذلك فنقول : المعتبر من هذه الوحدات الثلاثة هو الأخيرة ، وهذا المطلب أيضا كالمطلب السابق لا يحتاج إلى زيادة مئونة ؛ لأنّ الخطاب الصادر في المقام ينصرف إلى ما هي مصاديق بنظر العرف لكبرى نقض اليقين بالشكّ ، لا إلى مصاديقها العقليّة كما هو الحال في كلّ مقام.
فإذا فرضنا أنّ الدليل اللفظي قد أخذ الموضوع للنجاسة ، الماء المتغيّر ، فالموضوع بحسب الدليل والعقل كليهما غير باق مع زوال التغيّر ، ولكن مع ذلك رأينا العرف يطلقون بواسطة روية الهذيّة المحفوظة عنوان نقض اليقين بالشكّ على