ويظهر الثمر بين المذاق الأوّل وهذا المذاق في هذا القسم في ما إذا قطعنا من الخارج بخطاء العرف ، فإنّه لا وجه للأخذ به بعد انكشاف خطاء الطريق بناء على المذاق الثاني ، ويجب الأخذ به بناء على الأوّل ؛ لأنّه من المصاديق الحقيقيّة لمحلّ الحكم ، وكذا في ما لو ورد من الشرع حكم بعدم ترتيب الأثر على مصداق عرفي ، فإنّه تخصيص بناء على المذاق الأوّل وليس بتخصيص بناء على المذاق الثاني ، وإنّما هو تخطئة للطريق وأنّ ما عيّنه الطريق مصداقا ليس بمصداق.
وبالجملة ، فعلى هذا المذاق الثاني يشكل الحال في مسألتنا هذه كما في مسألة حجيّة الاستصحاب في ما إذا كان في البين واسطة خفيّة ، ووجه الإشكال أنّ صاحب هذا المذاق يلتزم في موارد اختلاف العقل والعرف إمّا بالاختلاف المفهومي كما في الدم والماء ، وإمّا بالطريقيّة لنظر العرف ، وشيء من الأمرين لا يجيء في هذين المبحثين.
أمّا الثاني فواضح ؛ لأنّ الطريق إنّما هو طريق ما لم ينكشف خطائه بالقطع ، وقد فرضنا أنّه لا يصدق كبرى نقض اليقين بالشكّ بحسب الدقّة العقليّة في الموردين ، أعني في مورد خفاء الواسطة وفي مورد تخلّف الوصف الذي يراه العرف تخلّف حال الموضوع لا تخلّف ذاته ، فكيف مع القطع بهذا نتّبع نظره؟.
وأمّا الوجه الأوّل فلأنّ في لفظي الدم والماء أمكنه أن يقول بأنّ هنا جامعا مغايرا للجامع الدقّي الحقيقي مثل ما هو ذو الجسميّة المحسوسة أو ما هو ممتاز عمّا عداه غير مخلوط بغيره ، وأمّا في المقام فألفاظ اليقين والشكّ والنقض ليس في شيء منها تطرّق لمثل هذه الدعوى ؛ إذ كما أنّ اليقين ليس بين العقل والعرف في مفهومه خلاف وكذا لفظ الشكّ ، كذلك حال لفظ النقض ، فإنّه بمعنى واحد عندهما وهو ضدّ الابرام ، وإذا كان مفردات الدليل هكذا فكيف يحصل الخلاف من هيئة تركيبهما؟.
والحاصل أنّ في العناوين الواقعة في الخطابات الشرعيّة مذاقين.
أحدهما للمولى الخراساني وهو أنّها مرايا للمصاديق الواقعيّة الحقيقيّة التي لا مسامحة في مقام التطبيق أصلا ، بل العقل يشخّصها مصاديق لتلك العنوانات ، نعم في مقام أخذ حدود أصل المفهوم يكون المرجع هو العرف ، وأمّا بعد أخذه بماله من