الواحد الحقيقي ، والاثنان الحقيقيّان غير مورد لحبّك جدّا.
وهكذا في خطابات الشرع ، فالمصاديق النفس الأمريّة التي لا يفهما العرف غير متعلّق لحبّ الشارع وبغضه وجعله جدّا ودقّة وحقيقة ، والأشياء الأجنبيّة التي يتخيّلونها أفرادا موضوعات لأحكامه كذلك أعني دقّة وحقيقة.
إذا عرفت المذاقين فنقول : موارد اختلاف الحقيقة النفس الأمريّة عن النظر العرفي على قسمين ، أحدهما : ما يمكن إرجاعه إلى الاختلاف المفهومي ، بمعنى أنّ الحقيقة النفس الأمريّة وإن كان أعمّ أو اخصّ ، لكنّ العرف في وضعهم اللفظ اعتبروا خصوصيّة زائدة غير دخيلة فيها ، مثلا حقيقة الدم التي هي واحد من الأخلاط الأربعة لها واقعيّة محفوظة لا مدخليّة في تحقّقها وجود الجرم المحسوس لها ، ولهذا يراه العقل مع اللون أيضا ، ولكنّ العرف قد أخذوا في مفهوم لفظ الدم كونه مع الجسميّة المحسوسة.
وكذا حقيقة الماء التي من أحد العناصر الأربع له حقيقة محفوظة ولو مع الاختلاط بمقدار كثير من التراب ، بحيث صار اسمه عند العرف طينا ، فإنّ حقيقة المائيّة والترابيّة محفوظتان فيه قطعا ، ولكنّ العرف في وضعهم لفظ الماء اعتبروا خلّوه عن المزج بالغير بهذا المقدار.
فالاختلاف بين العقل والعرف في أمثال هذه الموارد يكون في أصل العنوان ، ويمكن في مثله القول بأنّ العنوان العرفي عبرة لمصاديقه بالنظر التدقيقي العقلي ، لا المسامحي العرفي ، فالمسامحة وإن اعملت في عالم استعمال اللفظ وإرادة المفهوم ، ولكن في عالم التطبيق روعي التدقيق والتحقيق.
والقسم الثاني ما لا يجري فيه الكلام المذكور أعني القول بأنّ هنا حقيقة واقعيّة نفس أمريّة ومفهوما عرفيّا مخالفا له بالعموم والخصوص ، بل المقطوع أنّ الحقيقة الواقعيّة والمتفاهم العرفي واحد لا تفاوت بينهما أصلا ، بل منشأ الاختلاف إنّما هو ضعف ونقصان في فهم العرف ، حيث يرون غير المصداق مصداقا ، أو المصداق أجنبيّا ، كما كان المنشأ في الأحول ضعفا ونقصانا في حاسّته ، وإلّا فليس للأحول