بل لما يزيد توسعته ، مثل جنس الزمان في المقام ، فإذا لم يكن جنس الزمان ملحوظا فمن أين لنا الحكم بإطلاقه والتسوية بين أجزائه ، هذا.
ولكنّه دام ظلّه استشكل في هذا الوجه بأنّ الجعل الإنشائي الذي ينتزع منه السريان الزماني ويكون هو لازما قهريّا له يكون بحسب مرحلة الاستعمال محفوظا ، والتقييد إنّما هو وارد على اللبّ ، فلا نحتاج إلى لحاظ الزمان ، بل يكفينا لحاظ الطبيعة بنحو السريان الذي هو ملزوم للسريان الزماني.
الوجه الثاني : أن يقال : إنّ الزمان أيضا ملحوظ باللحاظ الإطلاقي ، كالأحوال ، إلّا أنّ بينهما فرقا من حيث إنّ الأحوال بذاتها أشياء متبدّدة متعدّدة ، فيلزم من تسرية الحكم إليها تعدّد الحكم وانحلاله أيضا ، فإذا ورد التصرّف في لبّ بعض هذه الأحكام فأصالة التطابق بالنسبة إلى باقي المنحلّات محفوظة ، وأمّا أجزاء الزمان فليست أشياء متعدّدة في نفسها ، ألا ترى أنّ الزيد في اليوم ليس بغيره في الأمس والغد ، والمفروض أنّ المتكلّم أيضا لم يقطعها في اللحاظ ، فهي باقية على وحدتها خارجا وذهنا.
فكما أنّ الزيد شخص واحد بمرور الزمان لا ينثلم وحدته ، كذلك قضيّة أكرم العلماء المنحلّ إلى : أكرم زيدا وأكرم عمروا وهكذا ، أيضا كلّها أحكام واحدة لا ينثلم وحدة كلّ من هذه الأحكام بمرور الزمان وإن كان في كلّ جزء من الزمان له أثر الأحكام المستقلّة ، بمعني أنّه له بحسب أجزاء الزمان إطاعات وعصيانات ، ولكن لا يضرّ هذا بوحدته ، فإنّ تعدّد الأثر لا يضرّ بوحدة المؤثّر.
وحينئذ فليس لنا أحكام عديدة حتّى نقول : إذا تبيّن مخالفة بعضها مع الجدّ فأصالة التطابق في الثاني محفوظة ، بل إنّما هو حكم واحد كوحدة موضوعه ، فكما إذا قتل الزيد في زمان فليس لحياته في اليوم البعد أثر ، كذلك إذا مات حكمه في زمان أيضا لا يبقى لمؤثّره الأوّل تأثير في ما بعد ، بل يحتاج إلى مؤسّس جديد ، بل نقول : لو لوحظ مثل هذه الوحدة في جانب الموضوع أيضا مثل أن يلاحظ العشرة بما هي واحدة وشيء واحد وعلّق عليها حكما ، فعلم عدم الحكم في شيء من تلك الأشياء العشرة.