نعم الذي يثبت أنّ الجاعل الذي جعل الاستصحاب الأوّل في مرحلة الظاهر والشكّ، لا يجعل الاستصحاب الثاني أيضا في هذه المرحلة ، ويجيء إن شاء الله تعالى مزيد توضيح في الاستصحاب التعليقي.
ثمّ هذا كلّه هو الكلام في صورة ظرفيّة الزمان للحكم ، كما استظهر شيخنا الاستاد دام بقاه كونها مورد كلام المحقّق النراقي.
وأمّا الصورة الاخرى فعلى ما تقدّم في محلّه من جريان الاستصحاب في المهملة عن القيود لتحقّق اليقين والشكّ بالشيء الواحد حقيقة كان اللازم جريانه في المقام ، ومعارضته مع استصحاب العدم في المقيّد المتأخّر.
نعم الذي يزيده مقامنا على سائر المقامات أنّه يحتاج إلى انتزاع المهملة عن شيئين ، أحدهما عن الموضوع وهو الجلوسات المقيّدة ، فينتزع منها أصل الجلوس ، والثاني عن الحكم وهو الأحكام الجزئيّة فينتزع منها أصل الوجوب المتعلّق بأصل الجلوس ، وهذا هو الذي قلنا بأنّه متيقّن في باب الأقلّ والأكثر الارتباطيين.
وكيف كان فقد يقال : إنّ استصحاب جامع الموضوع حيث إنّه جعل الأثر لا مانع منه ، وأمّا استصحاب جامع الحكم فحيث إنّه جعل نفس ذلك الجامع فلا يعقل ، لكنّه مع إمكان دفعه ـ بأنّه غير قابل للجعل المستقلّ ، وأمّا الجعل بتبع جعل الجزئي فقابل ، فهو نظير استصحاب الجزئيّة ـ فيه أنّه مبنيّ على الالتزام بلزوم رجوع الاستصحاب إلى أحد الجعلين ، إمّا جعل مماثل أثر الموضوع المستصحب ، وإمّا جعل مماثل الحكم المستصحب.
ولكنّا قلنا في محلّه : أنّا لا نفهم من قوله عليهالسلام : لا تنقض اليقين الخ إلّا أنّ كلّ مورد كان عمل مربوط بالشرع والآن نشكّ في بقائه ، فالشرع يحكم بإبقاء ذلك العمل وعدم نقضه بواسطة الشكّ ؛ فإن تحقّق بواسطة ذلك جعل مماثل فهو ، وإلّا فلا مانع من إجرائه بعد تحقّق موضوعه ، وفي مقامنا أيضا نشكّ في بقاء العمل الذي كان لمهملة الوجوب في مهملة الجلوس ، فيحكم بعدم جواز نقضه ، وهذا معناه إيجاب جزئي في مهملة الجلوس ، ولا بأس به بعد مساعدة الدليل.