الثقة عين الواقع ، نظر إلى الشكّ بعنوان إزالته ، غاية الأمر أنّ الرفع في الإخبار وجداني وهنا تعبّدي ، فكأنّه قال بعنوان التعبّد قد اتّضح الواقع فلا شك بعد اتّضاحه ، وقوله : ما قاله العادل عين الواقع ، نظير قولك مشيرا إلى جاهل : هذا عالم عند قصد ترتيب آثار العلم ، وقوله : لا شكّ لك بعده ، نظير قولك مشيرا إلى عالم : هذا ليس بعالم ، بقصد رفع أثر العلم عنه.
فتحصّل من هذا أنّ قوله : إذا شككت في كذا فابن على كذا ، لا نظر له أصلا إلى قوله : قول الثقة عين الواقع ، ولكنّ الثاني ناظر إلى الأوّل باعتبار اشتماله على أنّه لا شكّ بعد قوله بعد معلوميّة أنّ نفي الموضوع تعبّدا إنّما هو بلحاظ رفع آثاره ، كما أنّ إثباته كذلك بلحاظ إثباتها ، هذا.
واستشكل عليه قدسسره بأنّ ما ذكره في ضابط الحكومة لا إشكال في مصححيّته للتقديم متى تحقّق ، ولكنّ الشأن في إثباته في المقام وسائر المقامات التي يقولون بالحكومة فيها ، بيان ذلك أنّ اللازم من هذا التقرير أن يكون الدليل الحاكم لغوا وبلا مورد لو لم يكن الدليل المحكوم ، فإنّه بمنزلة «أعني» فكما أنّه ناظر إلى مقام الإثبات ، ولو لم يكن قبله مفسر في مقام الإثبات كان لغوا وبلا مورد ، كذلك الدليل الحاكم على ما قرّره قدسسره.
ولا شبهة في عدم حصول هذا المعيار في شيء من موارد الحكومة ، فإنّ منها قاعدة لا ضرر في الإسلام ، ومن المعلوم أنّ القائل بهذا الكلام يفيد هذا الكلام منه ، ولو لم يصدر منه لعارض في مرحلة الإظهار وعالم الإثبات شيء من المجعولات الاسلاميّة ، فإنّ الإسلام عبارة عن الوجود اللوح المحفوظي ، وهكذا في قوله : لا شكّ لكثير الشكّ ، فإنّه لو لم تكن الأدلّة المتكفّلة لحكم الشكوك في ركعات الصلاة لما خلّي من الفائدة ، فإنّ عدم الحكم في نفسه أمر واقعي ، وهكذا في «لا حرج» وكذا في المقام ، لوضوح عدم لغويّة قوله : الحكاية الفلانيّة صدق وعين الواقع لو لم يكن حكم في موضوع الشكّ مجعولا أصلا.
وإذن فيتحقّق التنافي بين مدلولي الأصل والطريق ، فإنّ مفاد الأصل أنّ الحكم