اللوح المحفوظي في حقّ الشاك كذا ، ومفاد الأمارة أيضا إثبات خلاف ذلك في اللوح المحفوظ ، من دون نظر أحدهما إلى ما يفيده الآخر في مرحلة الإثبات.
وقد ذكر للحكومة ضابط آخر مسلّم الانطباق على غير المقام ، وهو كون أحد الدليلين متكفّلا للحكم على غير الحكم من الموضوعات الأخر ، والآخر متعرّضا للحكم على الحكم ولو بوجوده النفس الأمري الثبوتي لا الإثباتي.
مثلا لا ينقدح التعارض بين قوله : أكرم العلماء وقوله : إرادتي للإكرام في الفاسق غير ثابتة ، أو إرادتي للإكرام في حقّ زيد الجاهل ثابتة ، ولا يلاحظ الترجيح في مرتبة الظهور ، بل يرجّح الثاني ولو كان أضعف ظهورا على الأوّل.
فإن قلت : كيف تقول : ليس الحكم في قضيّة أكرم العلماء على الإرادة ، مع أنّ مفاد الهيئة هو الطلب.
قلت : فرق بين إيجاد الطلب الحقيقي في النفس متعلّقا بفعل من الأفعال ـ ففي هذا اللحاظ لا يمكن الحكم على الإرادة ـ وبين لحاظ الطلب بما هو كسائر العناوين والحكم عليه.
ولعلّ السرّ في التقديم أنّ نسبة الإرادة إلى المتكلّم في قضيّة أكرم العلماء خارج عن مفاد اللفظ ، وإنّما هو حكم العقل في مقدار ، والعقلاء في الزائد عليه ، فيتحصّل من العقل والعقلاء حكم على موضوع إرادة المتكلّم وطلبه ، وهو نسبته إليه ، وأمّا في القضيّة الاخرى فهذا المطلب صار مفادا لفظيّا ، وقد تكفّله نفس المتكلّم ، فإذا اريد بالحكم العقلي العقلائي أن يحكم على مورد التصادق بثبوت إرادة الإكرام للقائل يعارضه نفس قول القائل : إرادتي غير موجودة هنا ، وإن كان هذا أيضا محتاجا إلى إجراء الأصل العقلائي فيه ، لكن هذا الأصل العقلائي ينتهى إلى قول من القائل له إثبات ونفي في نفس مورد القضيّة العقلائيّة في الجانب الآخر.
لا يقال : حكم العقل إنّما هو بمطابقة الاستعمال للجدّ ، ولازم هذا ثبوت الإرادة ، وحكم الشارع في الحاكم بنفي الارادة على وجه المدلول المطابقي ، فما حصل التكاذب بينهما في المدلول المطابقي.