عدم الاعتناء بهذا الشكّ وعدم الحكم له صار مقدّما على أدلّة الشكوك.
وإن كان لا نظر له إليها بمثل أعني ونحوه ، وكذلك قوله عليهالسلام : لا شكّ لمن كان له شكّ مع اليقين وإن كان معناه جعل الحكم المماثل مثلا ، إلّا أنّه لمّا كان بلسان عدم الاعتناء بهذا الشكّ وعدم ترتيب الأثر عليه ، صار هذا اللسان موجبا لتقدّمه على أدلّة الشكوك ، حيث إنّها بأصالة الإطلاق مقتضيه لإسراء حكمها إلى هذا المورد ، وهذا بلسانه اللفظي يقوم بإزاء أصالة الإطلاق المذكورة كما تقدّم بيانه.
والحاصل : إن كان الإشكال من جهة عدم المعقوليّة للزوم اجتماع اللحاظين الذي أورد نظيره المحقّق الخراساني في أدلّة الأمارات ، فجوابه بالطوليّة بينهما ، والممتنع هو الجمع العرضي ، وإن كان عدم الاستظهار من الدليل فالمحكّم فيه العرف.
ويكفيه شاهدا بأنّه يستفاد من عبارة «لا تنقض اليقين بالشكّ» قضيّتان ، اوليهما مدلول مطابقي ، وهو الالتزام باليقين وعدم نقضه ، والاخرى مدلول التزامي وهو عدم الاعتناء بالشكّ وعدم ترتيب الأثر عليه مع وجود اليقين ، وبعد إثبات هاتين المقدّمتين يدخل تحت الضابط المتقدّم للحكومة ، كما في «لا شكّ لكثير الشكّ» بلا فرق.
ثمّ هذا على تقدير أخذ الشكّ في كلا الطرفين بمعنى صفة التردّد النفساني ، وإن جعلناه فيهما بمعنى التحيّر وانقطاع اليد عن الحكم الشرعي مع قطع النظر عن حكم نفس القاعدة فيها ونفس الاستصحاب فيه ، فحينئذ وإن كان الأخذ بكلّ منهما يوجب رفع موضوع الآخر ، ولكنّ الوجه في تقديم الاستصحاب أيضا هو اللسان المذكور ، فإنّه بلسان أنّه إذا اجتمع التحيّر مع وجدان الطريق فلا بدّ من الأخذ بالثاني وطرح الأوّل ، فالورود على هذا مبنيّ على الحكومة ، كما ذكرنا نظيره في توجيه كلام لشيخنا المرتضى قدسسره في تقديم الأمارات على الاصول.
ثمّ إنّه بقي في المقام مطلب وهو أنّ المحقّق الخراساني قدسسره ذكر في الحاشية في وجه تقديم الاستصحاب ما حاصله يرجع إلى ما اختاره في تقديم الأمارات على الاصول من تقريب الورود ، وأنّه لا يبقي الشكّ الموضوع في سائر الاصول ، لأنّه