فربّما يقال : حيث جعل حكم الرفع والإطلاق والسعة معلّقا ومغيّا في هذه الأخبار على حصول العلم ، وهو بحسب اللفظ أعمّ من التفصيلي والإجمالي ، وتخصيصه بالأوّل من غير مخصّص لا وجه له ، فلا عموم لها للمقام ، فإنّ الشك وإن كان حاصلا وغير مناف مع العلم الإجمالي فكلّ من الأطراف بخصوصه مشكوك كونه موردا للتكليف والالزام ، لكنّ الفرض مقارنة هذا الشكّ مع العلم بأصل الإلزام ، فهنا علم بالإلزام وجهل بمورده ، فقد حصل الموضوع وهو الشكّ مع غاية الحكم ، فلا محالة لا يشمل الحكم للمقام.
وفيه أنّ ظاهر «رفع ما لا يعلمون» والحليّة حتى يعلم الحرمة ، والسعة ما لا يعلم ثبوت الحكم ، ما دام المشكوك مشكوكا وكون الغاية زوال الشكّ بالمرّة وتبدّله بالعلم ، لا مجرّد ثبوت العلم مع ارتباط له بالشكّ ، وبعبارة اخرى : المستفاد من الأخبار أنّ المشكوك محكوم بالحليّة حتى يصير معلوما ، لا أنّ المشكوك محكوم بالحليّة حتّى يحصل علم مرتبط به ولو مع بقاء حالة الشكّ.
وربّما يقال أيضا : سلّمنا عموم الأخبار للشكّ المقرون بالعلم الإجمالي لعدم حصول الغاية فيه ، ولكن مقتضى الأخبار كما أنّ كون المكلّف في سعة المشكوك ، كونه أيضا في غير سعة من المعلوم ، وفي هذه الصور كما أنّ لنا مشكوكا ، لنا معلوم ، فالأوّل بمقتضى صدر هذه الأخبار محكوم بالإطلاق ، والثاني بمقتضى ذيلها بعدمه ، ولا شكّ في أنّ المعلوم الموجود هنا المحكوم عليه بعدم الإطلاق ليس إلّا في ضمن المشكوك المحكوم عليه بالسعة.
مثلا الإناءان اللّذان علم بوجود الخمر فيهما كلّ منهما باعتبار الخصوصيّة مشكوك الحرمة ، فيندرج تحت حكم الإطلاق ، وأصل الخمر معلوم الوجود في البين محكوم بعدم الإطلاق ، وهو ليس إلّا في ضمن الإنائين ، فيلزم محكوميتهما بعدم الإطلاق من هذه الجهة، وقد فرض كونهما محكومين بالإطلاق باعتبار أنفسهما ، فيتحقّق التعارض بين صدر الرواية وذيلها ، فتسقط بذلك عن الحجيّة.
والفرق بين هذا وسابقه أنّ مبنى الأول منع عموم الأخبار للمقام ، والثاني