وأما مقدمة الحرام فان المكلف لو تركها يقدر على ترك الحرام وأما لو اتى بها فلا يقدر على ترك الحرام ، فالمناط في كلا المقامين واحد وكلا الموردين داخلان تحت قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
وأما الوجه الرابع فيرد عليه ان حكم العقل بالخروج من باب كونه اقل محذورا.
ان قلت : حكم العقل بلزوم الخروج يكشف عن قدرته عليه فلا مانع من الحكم الشرعي ، قلت : ان حكم العقل بالخروج ولو كان كاشفا عن كون الخروج مقدورا لكن قد تقدم ان الممنوع شرعا كالممنوع عقلا والمفروض ان البقاء حرام عليه فلا يمكن أن ينهى عنه فعلا اذ التكليف بالمحال محال لكن حيث ان اضطراره بسوء اختياره يجري عليه حكم الحرام ، فيصح أن يعاقب عليه ولا يمكن أن يكون الخروج واجبا شرعا لاجتماع الضدين ، نعم لو كان الخروج محكوما بالوجوب كان ما أفاده تاما ، فان حكم العقل بالخروج يصحح الوجوب الشرعي وأما حكم العقل بالخروج من باب اختيار اقل المحذورين فلا يصحح المنع الشرعي.
وصفوة القول : ان المكلف لا يقدر على البقاء في الدار المغصوبة بعد الدخول لكونه عدوانا وقلنا ان الممنوع الشرعي كالممنوع العقلي ، فالمكلف لا يقدر على البقاء لكونه حراما فلا يكون قادرا على الخروج وتركه بل يجب بحكم العقل أن يخرج وحكم العقل بالخروج لا يصحح أن ينهى عنه شرعا فان تكليفه بعدم الخروج مع منعه عن البقاء مرجعه الى التكليف بما لا يطاق.
الامر الثالث : من الامور التي قال بها القائل بالقول الرابع وجوب الخروج ، والدليل عليه انه قد ثبت عدم كون المقام داخلا تحت قاعدة ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار فلا يتم القول الخامس ومن ناحية اخرى تقدم بطلان بقية الأقوال ، فنقول لا اشكال في حرمة البقاء لكونه غصبا وعدوانا وأما الخروج فهو تخلية بين