ان الوضع لا يتم إلّا بالابراز فيكون الوضع والاستعمال يوجدان في زمان واحد فلا يكون الاستعمال حقيقيا اذ بالاستعمال يتم الوضع فلا يمكن أن يكون حقيقيا وإلّا يلزم الخلف لكن لا بأس بهذا الاستعمال فانه صحيح عرفا وان أبيت عن صحته نقول نفرض كونه غلطا لكن الأثر المرغوب منه يترتب عليه بلا اشكال فلاحظ.
وأما المقام الثاني : فأفاد في الكفاية ان دعوى الوضع التعييني في ألفاظ العبادات في لسان الشارع قريبة جدا والدليل عليه تبادر المعاني الشرعية من هذه الألفاظ في زمانه والتبادر آية الحقيقة ويؤيد المدعى أنه لا علاقة بين هذه المعاني والمعاني اللغوية كى يلتزم بالمجاز فانه اي علاقة بين الدعاء والصلاة ومجرد تضمن الصلاة للدعاء لا يقتضي الجواز فان علاقة الكل والجزء في المجاز مشروط بكون الجزء بحيث ينتفي الكل بانتفائه كالرقبة بالنسبة الى الانسان ولذا يصح أن يقال اعتق رقبة هذا على تقدير حدوث هذه المعاني في الشريعة الاسلامية وأما على تقدير كونها في الشرائع السابقة كما يدل عليه قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(١)(وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ)(٢) فلا طريق الى اثبات الحقيقة الشرعية ومع الغض عن هذه الجهة لا يكون دعوى القطع بحصولها في لسان الشارع وتابعيه جزافا نعم حصولها في خصوص لسانه لا يمكن اثباته.
ويرد عليه اولا : انه لا دليل على كون هذه الالفاظ حقيقة في هذه المعاني في الشرائع السابقة اذ مجرد ثبوت هذه المعاني في تلك الشرائع لا تلازم كون هذه الالفاظ موضوعة بازائها والنزاع في المقام في الوضع لا في تحقق المعاني في
__________________
(١) البقرة / ١٨٣
(٢) مريم / ٣١