انفكاك المعلول عن العلة. وأما على الثاني فهل يحتاج في الخلق الى العادة المذكورة أو لا يحتاج اليها أما على الاول فيلزم عجزه ويلزم الالتزام بخلاف صريح الكتاب (إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(١).
وأما على الثاني : فيلزم العبث اعاذنا الله من الخرافات والترهات وحيث ذكرنا ان صاحب الكفاية وتلميذه الشيخ الاصفهاني قائلان بالجبر نذكر عبارتهما كى يعلم مرامهما من عبارتهما.
قال في الكفاية : «ان قلت : اذا كان الكفر والعصيان والاطاعة والايمان بارادته تعالى التي لا تكاد تتخلف عن المراد ، فلا يصح أن يتعلق بها التكليف ، لكونها خارجة عن الاختيار المعتبر فيه عقلا.
قلت : انما يخرج بذلك عن الاختيار ، لو لم يكن تعلق الارادة بها مسبوقة بمقدماتها الاختيارية ، وإلّا فلا بد من صدورها بالاختيار ، وإلّا لزم تخلف ارادته عن مراده ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ان قلت : ان الكفر والعصيان من الكافر والعاصي ولو كانا مسبوقين بارادتهما إلّا أنهما منتهيان الى ما لا بالاختيار ، كيف؟ وقد سبقهما الارادة الازلية والمشية الالهية ، ومعه كيف تصح المؤاخذة على ما يكون بالأخرة بلا اختيار؟
قلت : العقاب انما يتبع الكفر والعصيان التابعين للاختيار الناشئ عن مقدماته الناشئة عن شقاوتهما الذاتية اللازمة لخصوص ذاتهما ، فان (السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه) (٢) و (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة) ، كما في الخبر (٣) ، والذاتي لا يعلل ، فانقطع سؤال أنه لم جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا؟ فان السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي كذلك ، وانما أوجدهما
__________________
(١) يس / ٨٢
(٢) ورد بهذا المضمون فى توحيد الصدوق ، ص ٣٥٦ الباب ٥٨ ، الحديث : ٣
(٣) الروضة من الكافى ، ج ٨ ص ١٧٧ ، الحديث : ١٩٧