بطلان القول بالتفويض كبطلان القول بالجبر.
وفي قبال هذين القولين ، قول ثالث وهو الالتزام بكون الامر بين الامرين ، وهذا القول مختار للامامية وهو خير الاقوال لا افراط فيه ولا تفريط وقد وردت في المقام نصوص كثيرة وروايات عديدة منها ما رواه محمد بن يحيى عمن حدثه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين امرين ، قال : قلت : وما امر بين امرين؟ قال : مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت انت الذي امرته بالمعصية (١).
يستفاد من مجموع هذه النصوص بطلان الجبر والتفويض ، وان الحق الأمر بين الامرين ، وبعبارة واضحة : ان القول بالجبر والتفويض باطل بالبرهان بل بالوجدان ولو في الجملة ، مضافا الى قيام الدليل النقلي عليه فعلى فرض الاغماض عن البرهان القائم على بطلان كلا القولين ، لا بد من الالتزام بالبطلان بمقتضى الدليل النقلي القطعي ، فعلى فرض وجود رواية دالة على الجبر أو التفويض يضرب به عرض الجدار ولا يعتنى بها ، حيث انها مخالفة مع السنة القطعية.
فالمتحصل مما تقدم ان الحق هو الامر بين الأمرين ويظهر المراد من الامر بين الامرين بايراد امثلة في المقام الاول : انه لو ربط احد آلة قتالة بيد المرتعش الذي لا تكون حركة يده تحت قدرته فان الآلة القتالة التى ربطت بيده لو اصابت انسانا فقتل لا يكون الشخص المرتعش مذموما في نظر العقلاء اذ لا يكون مختارا ولا تكون حركة يده باختياره وارادته بل المذموم في نظرهم الرابط وذلك الشخص الآخر ، والقائل بالجبر يرى المكلف كذلك ويدعي ان الفعل الصادر من العباد
__________________
(١) باب الجبر والقدر والامر بين الامرين من أبواب كتاب التوحيد من اصول الكافى ، ج ١ حديث ١٣ والباب ١ من ابواب العدل من البحار ، ج ٥ ، حديث : ١