بارادته تعالى.
الثاني : ان يعطي شخص آلة قتالة شخصا آخر والحال انه يعلم ان المعطى له يقتل بها الثالث ومع ذلك يعطي فان المعطى له لو قتل شخصا يكون القتل بفعله وبارادته ولا يرتبط بالمعطى وهذا مذهب المفوضة اذ هم قائلون بأن الافعال الصادرة عن العباد باختيارهم وارادتهم ولا يرتبط بساحة قدسه.
الثالث : أن يعطي شخص شخصا آخر آلة قتالة ويقدره على القتل بالقوة الكهربائية مثلا بحيث يمكن للشخص الاول أن يقطع القدرة عنه ويعجزه عن الفعل فان هذا مسلك الامامية الشيعة حيث ذهبوا الى الأمر بين الأمرين فان القتل الصادر عن المعطى له باختياره وارادته بلا اشكال ، واما أصل قدرته على القتل فهو من المعطي اذ ببركته يقدر على القتل.
اذا عرفت ما تقدم نقول لا اشكال في أن الممكن كما مر محتاج الى الواجب بل عين الاحتياج فاذا لم يفض عليه الفيض من المفيض المطلق لا يقدر على اي فعل من الافعال ، فمن هذه الناحية لا تفويض بل في كل آن يفاض عليه الفيض ولكن مع ذلك كله يكون العبد مختارا فباختياره وارادته يرتكب المعاصي ويأتي بالافعال وبهذا الاعتبار لا جبر بل الامر مفوض اليه ويشير الى هذه الحقيقة قوله تعالى (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(١) أي لا بد في مشيئة العبد من مشيئة الله بأن يفيض اليه الحياة والقدرة وجميع المقدمات اللازمة للعمل كى يفعل العبد فعلا اختياريا ولا تكون الآية دالة على الجبر بل دالة على القول الحق وهو الأمر بين الامرين كما انه تدل عليه الآية الشريفة ايضا وهي قوله تعالى (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٢) فان الله سبحانه ينهى أن يقول العبد اني
__________________
(١) الانسان / ٣٠
(٢) الكهف / ٢٣ و ٢٤