إزالة القطع الحاصل من المقدّمات العقلية فذلك أيضا أمر معقول ، إلّا أنّ الأول إنّما يتصوّر قبل حصول القطع الفعلي والثاني بعد حصوله ، أما المنع عن القطع العقلي بعد حصوله فيما يتعلّق بأصول العقائد وغيرها مما لا يترتّب عليه عمل كي يرجع هذا المنع إلى منع ذلك العمل بعد حصول القطع العقلي ، فإنّ ذلك غير معقول ضرورة كونه غير مقدور ، فالمنع عنه من قبيل التكليف بما لا يطاق كأن يقول قطعك هذا ليس بحجة وهو في قوة أن يقول : أيها القاطع لا تقطع أو لا تعتقد بقطعك ، اللهمّ إلّا أن يكون مراده تعقد بخلاف ما قطعت ، أي ابن في قلبك على خطأ عقلك بناء لا أصل له ، نظير التشريع في عكسه ، فكما أنّ المشرّع (لعنه الله) يبني في قلبه أنّ هذا الذي ليس من الشرع قطعا منه ، كذلك هذا القاطع يبني على خطأ قطعه تحكّما من نفسه ، فهذا المعنى أيضا أمر معقول ، والظاهر أنّه لا كلام في ذلك لأحد ولا ربط له لما نحن بصدد تحريره من النزاع.
وأمّا المنع عن القطع العقلي الفعليّ فيما يتعلّق بالفروع الذي يمكن إرجاعه إلى المنع عن متابعته في مقام العمل بمؤداه وهو العمدة في هذا الباب والقدر المتيقن من قصدهم في هذا النزاع ، فهذا هو الذي قد أصرّ على عدم معقوليته في أول الرسالة للزوم التناقض في حكم الشارع ، وأوردنا عليه هناك بأنّه معقول بمعنى جواز الردع عنه في مقام التنجّز والعمل على طبقه ، ومخالفة الأخباريين في المقام محمول على هذا الوجه ، بشاهد أنّهم يستدلّون على مدّعاهم ببعض الآيات والأخبار الدالة على أنّ فعلية العقاب موقوف على بعث الرسول (صلىاللهعليهوآله) حتى يكون الحكم بدلالته ودلالة ولي الله (عليهالسلام).
ثمّ إنّ الظاهر أنّ مخالفة الأخباريّ في المقام في القطع الفعليّ كما يفصح عنه ظاهر كلامهم لا القطع الشأني بمعنى صورة القياس الذي من شأنه إفادة