القطع لو خلّي وطبعه وإن لم يحصل فعلا لمانع ، لكنّ الظاهر بل المتيقّن أنّ مراد المحدّث الجزائري (رحمهالله) وصاحب الحدائق (رحمهالله) في مقام فرض التعارض بين القطعيين على ما سيأتي نقل كلامهما في المتن ليس إلّا القطع الشأني ، وإلّا فكيف ينسب إليهما فرض حصول القطع الفعلي على طرفي النقيض مع ما هما عليه من الفضل والفقه وجودة الفهم ، ولا يبعد أن يكون هذا مراد الجميع ، فيهون الخطب ويرجع النزاع لفظيا.
وكيف ما كان ، ثبوت مدّعى الأخباري يتوقّف على مقدّمتين : احداهما إمكان عدم حجية القطع الكذائي. وثانيهما : ثبوت المنع عنه بالدليل.
أما المقدمة الأولى : فقد مرّ بيانه مستوفى في أول الكتاب وأنّه يمكن المنع عن العمل بالقطع في مقام التنجّز ، خلافا للمصنف للزوم التناقض وغيره ، وقد سبق ما فيه فتذكّر.
وأمّا المقدّمة الثانية : فإنّهم استدلوا عليها بوجهين : الأول : ما أشار إليه المصنف أوّلا من :
قوله : لكثرة وقوع الاشتباه والغلط فيها فلا يمكن الركون إلى شيء منها (١).
(١) أمّا كثرة وقوع الاشتباه والغلط فيها فمن الواضحات ، إذ ما من مسألة من المسائل العقلية غير الضرورية غالبا إلّا وفيها أقوال من أهل المعقول الذين هم خريت فنّهم وهم في حال كمال عقولهم ، ولا شكّ أنّ سوى واحد منهم على الخطأ ، بل يحتمل أن يكون الكلّ على الخطأ وأنّ الحق مخالف لرأي الجميع.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٥١.