يستلزم أن يكون قطعه حجّة في الواقع وأن يكون عمله عليه مطابقا للحجّة ، ونظير ذلك أن يقطع قاطع بحجّية الرؤيا مثلا فإنّه لا يرتدع بمنع مانع عن حجيّته والعمل عليه ، مع أنّه ليس اخذا بالحجة واقعا.
قوله : وأنت خبير بأنّه يكفي في فساد ذلك عدم تصوّر القطع بشيء (١).
(١) هذا وارد على مذاقه من كون حجية القطع منجعلا على ما ذكره في أوّل الرسالة ، وقد أجبنا عنه هناك وقلنا إنّ التحقيق أنّها مجعولة بالجعل العقلي قابلة للمنع عن العمل بها والردع عنها فراجع.
بقي الكلام في أنّ منع العمل بقطع القطّاع بعد فرض القابلية والإمكان هل هو واقع أم لا؟
فنقول : بعد ما عرفت أنّ حجية القطع كالظن مجعول وأنّها بحكم العقل المستقل بلزوم متابعة القطع إن لم يمنع منه مانع ، إذا راجعنا العقل في حكمه بلزوم المتابعة للقطع نرى أنّ حكمه مشروط بعدم كونه من قطّاع يكون مظنّة للخطإ كثيرا ، والحاصل أنّ دليل حجية القطع قاصر الشمول لقطع القطّاع فيبقى على أصل عدم الحجية.
أقول : لا يخفى أنّ مقتضى هذا الوجه ألا يكون في قطع القطّاع ما يقتضي الحجّية ، إذ حكم العقل بالحجية مقصور على غيره ، ومقتضى ما حرّرناه سابقا في مسألة أنّ حجّية القطع مجعولة لا منجعلة أنّ القطع مطلقا فيه ما يقتضي الحجّية لو لم يمنع عنه مانع من ردع الشارع أو العقل عن العمل به.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٦٧.