مسألتنا ، إذ الإجمالي منه حاصل بالفرض فلا يتعلّق به الوجوب ، وغيره لا يمكن تحصيله بالفرض فلا يتعلّق به الوجوب ، وليس بمعنى القصد فضلا عن قصد الوجه ، لأنّ الكلام يجري في التوصّليات التي لا يعتبر فيها سوى إتيان المأمور به كيف ما اتّفق ، بل المراد من الالتزام هو التديّن بالحكم والتمكين والتسليم له في سويداء القلب بعد العلم به بحيث يكون المكلّف في نفسه بانيا على صحّة الحكم منقادا له ، وذلك نظير التشريع فكما أنّ البناء على ثبوت الحكم غير الثابت واقعا عند المشرّع أمر معقول على التحقيق المحقق في محلّه ، كذلك البناء على صحّة الحكم الثابت عند العالم به أمر معقول ، بل الالتزام بهذا المعنى ممكن حتى بالنسبة إلى المشكوكات كما ورد في قوله (عليهالسلام) «إذا شككت فابن على الأكثر» (١) ولا ريب أنّ البناء على الأكثر أمر نجده في النفس أمرا معقولا واقعا يفعله المكلّف في نفسه ثم يرتّب على ذلك ما يلزمه في إتمام الصلاة على حسبه ، وإنكار هذا المعنى مكابرة كما لا يخفى.
وفي مقابل هذا المعنى من الالتزام الجحود والانكار في النفس بالحكم ولو كان عالما به كما في أبي جهل (لعنه الله) ، وما هو واجب في المسائل الاعتقادية من الاعتقادات الحقّة يراد به هذا المعنى لا مجرّد العلم فإنّه يجتمع مع الجحود أيضا كما مرّ.
ثمّ إنّ حكم المخالفة الالتزامية بالنسبة إلى المعلوم بالإجمال يحتمل وجوها :
الأول : أن يحكم فيما لو تردّد الأمر بين الوجوب والحرمة مثلا بعدم الوجوب والحرمة تمسّكا بالأصل في الطرفين ، وهو في معنى الالتزام بالإباحة
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢١٢ و ٢١٣ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٨ ح ١ و ٣.