بين ألف مذكى فمعنى عدم اعتبار العلم الإجمالي بوجود الميتة فيها أنّ هذه الميتة بمنزلة المذكى محكوم بالحلّية فيحكم في الجميع بالحلّية ، لا أنّه بعد طرح العلم يرجع إلى الأصل والأصل عدم التذكية في الجميع وهو موافق لحكم الميتة ، وهذا بخلاف الشبهة المحصورة فإنّه بعد طرح العلم الإجمالي يحكم بحكم الأصل الموجود في المسألة إباحة أو تحريما.
والسر في ذلك ما ذكرنا من أنّ العلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة كلا علم في نظر العقل والعقلاء ، ومع قطع النظر عن العلم بوجود الميتة في الأطراف فهي معلوم التذكية ، فالميتة الموجودة في البين أيضا حكمها حكم معلوم التذكية في الحلية ، فيجوز ارتكاب جميعها وإن قصد ذلك من أوّل الأمر.
نعم ، لو كان قصده من ارتكاب الجميع توصّله إلى الحرام فإنّه لا يجوز ، لكن بوجه آخر يجري في الشبهة البدوية أيضا لو ارتكبها برجاء إدراك الحرام فإنّه حرام ومعصية إن اتّفق مصادفته للحرام ، والوجه ما مرّ في مسألة التجرّي من عدم قبح عقاب مثل هذا الشخص الذي لا يبالي بارتكاب الحرام بل يشتاق ويسعى في فعله ليظفر به ولو بارتكاب الشبهات.
ثم اعلم أنّ ما ذكرنا من أنّ الأصل والقاعدة في الشبهة المحصورة هو الاحتياط لو لا أدلة البراءة من جهة كون العلم طريقا إلى الواقع ، والعقل يحكم بلزوم إدراك الواقع بعد حصول الطريق ، ويظهر من المصنف في موارد عديدة أنّ السر في لزوم الاحتياط في المسألة حصول التعارض بين الأصول الجارية في الأطراف بواسطة العلم الإجمالي وتساقطها.
وتظهر الثمرة بين الوجهين فيما إذا لم يحصل التعارض بين الأصول بسبب العلم الإجمالي ، كأن يكون الأصل في أحد الأطراف موافقا للمعلوم