على ترك المنكر الواقعي وهو هنا دخول الجنب في المسجد ، والإدخال عصيان لهذا التكليف ، فثبت أنّ إيجاد مبغوض المولى مطلقا ولو بالتسبيب محرّم وإن كان المباشر معذورا ، كيف ولو لم يكن كذلك لزم أن يكون إجبار الغير على سائر المحرمات غير محظور ، لأنّ الفاعل معذور والسبب غير مكلّف بشيء.
فإن قلت : إنّ حرمة الإجبار ليس من جهة أنّ الفعل المجبر عليه محرّم بل من جهة أنّ نفس الإجبار ظلم محرّم.
قلت : لا شكّ أنا نعقل الفرق بين الإجبار على شرب الخمر المحرّم أو على شرب الماء المباح ، ولو كان وجه الحرمة قبح الإجبار وكونه ظلما كان كلاهما متساويين في نظر العقل وليس كذلك.
ثم اعلم أنّ الإدخال المحرّم على الوجه الذي ذكرنا يشمل ما لو حمله على ظهره وأدخله أو أكرهه بالتوعيد ونحوه على الدخول فدخل هو بنفسه ، أو استأجره للدخول لأمر مباح فدخل لأجل تديّنه وفاء للإجارة اللازمة عليه الوفاء بها بزعمه ، لاشتراك الجميع في التسبيب المذكور.
إذا تمهّد ذلك فنقول : من لا يقول بحرمة إدخال الجنب في المسجد يحكم في المثال المذكور بالبراءة بالنسبة إلى الحامل والمحمول لكون الشبهة بدوية بالنسبة إلى كل منهما ، ومن يقول بحرمة الإدخال كما قلنا يجري عنده التفصيل المذكور في المتن.
قوله : فإن قلنا إنّ الدخول والإدخال يتحقّقان بحركة واحدة (١).
(١) لا شكّ أنّ الدخول والإدخال يتحققان بحركة واحدة ، إنّما الشك والتردد
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٩٧.