سببا جاء الوجهان المذكوران في المتن ، والحق أنّ الدخول والإدخال متغايران كالضرب والتأديب وتحريك اليد والمفتاح بشهادة الوجدان ، ألا ترى أنّه يصحّ أن يقال دخلت المسجد فأدخلته ، ولا يصحّ أن يقال : أدخلته فدخلت ، وليس إلّا لأجل أنّ الدخول سبب للإدخال والسبب مغاير للمسبّب قطعا.
ثم ما ذكرنا من البناء على حرمة المقدمة مطلقا أو خصوص السببية وعدمها إنّما يتم لو كان المحمول أيضا مختارا في الحمل والدخول ، وأما إذا كان مجبورا حمله الحامل بغير رضاه واختياره فلا ريب أنّ الحامل حينئذ مستقل بالفعل بكل وجه ، فيكون الدخول علّة تامة للإدخال لا المقتضي فقط ، وحيث إنّ العلة التامة للمحرّم محرم على التحقيق يتحقق العلم بحرمة الدخول بنفسه أو بكونه علة للحرام.
قوله : فإن جعلنا الدخول والإدخال راجعين إلى عنوان محرم واحد (١).
(١) كأن يقال : إنّ المحرم التسبب لكون الجنب في المسجد ، لكن هذا الاحتمال مجرد فرض لا أصل له ، لأنّ القدر المشترك المذكور عنوان انتزاعي يفرضه العقل جامعا بين الدخول والإدخال ، والخطاب الشرعي متعلّق بخصوص كل من العنوانين ، فإذن الأقوى هو الاحتمال الأخير الذي أشار إليه في :
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٩٧.