الحرمة غير مقيّد بوصف من الأوصاف ، فلا ريب أنّ هذا الموضوع متحقق في حال جميع الأوصاف الملحوظة ، وشرب التتن المشكوك الحكم فرد من أفراد هذا الموضوع ، فيعود محذور اجتماع الحكمين في موضوع واحد.
لا يقال : إنّ قولنا شرب التتن حرام وشرب التتن المشكوك حكمه حلال قضيّتان مختلفتا الموضوع بالحسّ والوجدان.
لأنّا نقول : المراد باختلاف الموضوع اختلاف معروض الحكم لا اختلاف ما وقع في لسان الدليل موضوعا ، فربّ وصف وقيد مأخوذ في لسان الدليل في الموضوع وليس مأخوذا في معروض الحكم ، مثلا ورد أنّ الكافر نجس فموضوع حكم النجاسة في لسان الدليل الشخص المتّصف بالكفر ، لكنّا نعلم أنّ معروض النجاسة هو ذات الشخص لا الكفر وإن كان الكفر سببا لثبوت الحكم في المتّصف به ، وهكذا نقول فيما نحن فيه فإنّ معروض الحلية هو شرب التتن لا شرب التتن المشكوك الحكم وإن كان وصف كونه مشكوك الحكم دخيلا في ثبوت الحكم وعلة له.
الثاني : أنّه وإن اتّحد موضوع الحكم الواقعي والظاهري لكنّ المحمول فيهما مختلف ، فإنّ المحمول في الحكم الواقعي الحكم غير المنجّز ، وفي الحكم الظاهري الحكم المنجّز ، مثلا نقول : شرب التتن حرام غير منجّز وحلال منجّز ، ولا تنافي بين الحرمة غير المنجّزة وعدم الحرمة المنجّزة ، ونظير ذلك ما حكي عن الشيخ محمد تقي (رحمهالله) في حاشية المعالم من جواز اجتماع الأمر والنهي إذا كان أحدهما واقعيا والآخر ظاهريا ، وفرّع عليه صحة صلاة من صلى في المكان المغصوب جاهلا بالغصب ، وكذا صحة الوضوء الضرري جاهلا بالضرر ، فإنّ النهي عنهما واقعا لا ينافي الأمر بهما ظاهرا حتى لو انكشف الواقع