مسألة اجتماع الأمر والنهي (١) من صحة صلاة من صلى في المكان الغصبي مع القول بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي بالترتب بأنّ الشارع أوّلا قال : لا تغصب مطلقا ثم قال : فإن عصيت وخالفت هذا النهي فصلّ في المكان الغصبي ، فالأمر بالصلاة المتضمّن للغصب المنهي عنه مترتّب على مخالفة النهي والتزام عقابه وعلى تقديره ، ولا منافاة بينهما.
ونظيره أيضا ما قاله كاشف الغطاء (رحمهالله) (٢) في مسألة معذورية الجاهل بالجهر والإخفات أو القصر والإتمام من أنّ الجاهل المذكور معاقب على ترك الواقع إذا كان مقصّرا مع صحّة صلاته.
وتوجيهه : أنّ المكلّف واقعا مأمور بالصلاة الجهرية مثلا أو القصر في الرتبة الأولى ، ومأمور أيضا بالصلاة الإخفاتية أو الإتمام على تقدير الجهل بالحكم الأولي في الرتبة الثانية ، فيعاقب المكلف لمخالفته الأمر الأول وتصح صلاته لموافقته الأمر الثاني ، وإن شئت الاستيناس بتصوير هذا الوجه وصحّته فلاحظ صحة الأمر بارتكاب أقلّ القبيحين لو دار الأمر بينهما تجد أنّ القبيح غير مراد للامر مطلقا في الرتبة الأولى حتى الأقلّ قبحا ، ولكن لمّا لم يكن مناص عن أحد القبيحين صحّ أن يأمر حقيقة بارتكاب الأقلّ قبحا في الرتبة الثانية.
والتحقيق أن يقال : إنه إن قلنا بأنّ الطلب غير الإرادة النفسية كما هو التحقيق المحقّق في محلّه ، وأنّه عبارة عن إرادة إنشائية أو إظهار الإرادة فلا مانع من اجتماع حكمين في شيء واحد من جهة التناقض أو اجتماع الضدين ،
__________________
(١) هداية المسترشدين ٣ : ١٠٤.
(٢) كشف الغطاء ١ : ١٧١.