بالكتابة وإلّا فهو ليس بكاتب البتّة ، وأما الحكم الواقعي فيما نحن فيه ليس هو قابلية ثبوت الحكم لو كان المكلف عالما ، بل المراد منه هو الحكم الثابت حقيقة في حال الجهل وإن كان المكلف معذورا في مخالفته.
الرابع : أنّ الحرمة الواقعية مثلا لكونها في وعاء الواقع لا تنافي عدم الحرمة الظاهرية لكونه في وعاء الظاهر ، ومنشأ عدم التنافي عدم اتّحاد الوعاءين تشبيها باختلاف المكان.
وفيه : أنا لا نعقل الاختلاف بين الحكم الظاهري والواقعي سوى تنجّز أحدهما بمعنى صحة العقاب على مخالفته وعدم تنجّز الآخر بمعنى عدم صحة العقاب على مخالفته ، فأين اختلاف الظرف والوعاء ، وأيضا لو كان هناك اختلاف وعاء بالفرض فإنّما هو بالنسبة إلى المكلّف وأما بالنسبة إلى الامر فإنشاء الحكم الظاهري والواقعي على نسق واحد فكيف يصح للامر أن يقول :
لا تشرب التتن ثم يقول اشرب التتن.
الخامس : أنّ الحكم الظاهري ليس في مرتبة الحكم الواقعي وفي عرضه حتى لا يمكن اجتماع حكمين مختلفين من النوعين في موضوع واحد ، بل الحكم الظاهري في طول الحكم الواقعي مترتب عليه ، مثلا نفرض أنّ الشارع أنشأ أوّلا حرمة شرب التتن بقوله : لا تشرب التتن مطلقا غير مقيّد بالعلم والجهل ثم قال : إن لم تعلم بما حكمت في شرب التتن وكنت معذورا بالنسبة إليه فاشربه ، فحكم الحلية مترتب على حكم الحرمة ثابت على بعض التقادير والأحوال المتعلّقة بالمكلّف بالنسبة إلى الحكم الواقعي ، ولا تنافي بين هذين الحكمين على هذا النحو.
ونظير ذلك ما اختاره الشيخ محمّد تقي (رحمهالله) في حاشية المعالم في