فيما بعد : وتلك المصلحة لا بدّ أن تكون مما يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع إلى آخره ، إذ لا ريب أنّ مصلحة الأمر لا يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع ولا يلزم أن يكون حكمة الأمر مصلحة راجعة إلى المكلف ، ولكن لو جعلنا الأمر تابعا لمصلحة المأمور به فلا بدّ من أن يكون في المأمور به ولو بعنوانه الثانوي أو العنوان الأعم من عنوان الحكم الواقعي الأولي مصلحة ، فيتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع ، ويتّضح ما ذكرنا بملاحظة كلام المتن إلى آخر المبحث فتدبّر.
قوله : وإلّا كان تفويتا لمصلحة الواقع وهو قبيح (١).
(١) لا نسلّم قبح تفويت المصلحة على المكلّف من غير تدارك مطلقا ، بل القدر المسلّم على القول بأنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد أنّ الشارع لم يجعل الأحكام جزافا بل جعلها موافقة للمصلحة النوعية في الأمر أو في المأمور به ، فإذا اقتضت المصلحة النوعية جعل أمارة مثلا ولكن لزم من هذا الجعل فوات مصلحة في حق واحد من المكلفين بها لم يكن هذا الجعل قبيحا بوجه ، فلا يلزم على الشارع تدارك المصلحة الفائتة على ذلك الشخص.
قوله : فإن قلت : ما الفرق بين هذا الوجه الذي مرجعه (٢).
(٢) لا كرامة في هذا السؤال والجواب ، لكمال وضوح الفرق بين الوجه الثاني والثالث بحيث لا يكون محلا للتوهّم ، كيف والحكم تابع للأمارة في الوجه الثاني ، ومع قطع النظر عن الأمارة ليس سوى المقتضي والشأنية ، وفي الوجه الثالث هنا حكمان أحدهما متعلّق بنفس الفعل وثانيهما متعلق بتصديق العادل
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١١٥.
(٢) فرائد الأصول ١ : ١١٥.