الاحتياط غير التام كما ربما يتعبّد بمجرّد الاحتمال برجاء إدراك الواقع ، لكن لمّا كان الظنّ أقرب إلى الواقع كان رجاء إدراكه أيضا أشد ، فلذا يعتمد عليه دون الاحتمال المرجوح.
الثالث : أن يتعبد بالظن بمعنى إلغاء احتمال الخلاف وعدم الاعتناء به كما هو كذلك عند أهل العرف في أفعالهم ومعاملاتهم وتجاراتهم ، فإنّ عملهم بالظنّ لأجل أنّهم لا يعتنون باحتمال الخلاف ولا يبالون بتخلّف ظنّهم عن الواقع.
والحق والتحقيق أنّ الذي يناسب البحث عنه في المقام هو المعنى الثالث ، ويدل عليه أنّ حجية الظن الذي ثبت بالدليل عندنا في خبر الواحد أو غيره بهذا المعنى قطعا ، فينبغي أن يقال هل الأصل في غير ما ثبت حجيّته من الظنون حرمة العمل حتى يقال بعدم الحجية بالمعنى المذكور ، أو جوازه حتى يحكم بالحجية بالمعنى المذكور؟
ويظهر من المصنف المعنى الأول كما لا يخفى على من راجع كلامه خصوصا قوله في تقريب الاستدلال بالآية على حرمة التعبّد بالظن : دل على أنّ ما ليس بإذن من الله من إسناد الحكم إلى الشارع فهو افتراء. ومن الواضح أنّه ليس محلا للبحث في المقام كيف وأنّه راجع إلى التشريع بل عينه ، وهل يعقل أن يكون النزاع في المقام في أنّ الأصل هل هو حرمة التشريع أو جوازه.
وكيف كان ، فإن كان المراد هو المعنى الأول فلا ريب أنّ الأصل حرمة التعبّد ، وإن كان المعنى الثاني فالأصل جوازه إلّا إذا خالف أصلا معتبرا من الأصول الشرعية ، والمعنى الثالث هو محلّ النزاع وسيأتي ما يوضّح ذلك أيضا.
ثم حرمة التعبّد بالظن يحتمل معنيين :
أحدهما : الحرمة الذاتية في مقابل الإباحة وغيرها من الأحكام حتى لو