عمل بالظنّ واتّفق مصادفته للواقع فقد فعل الحرام فضلا عن صورة المخالفة.
الثاني : الحرمة الغيرية التي تساوق عدم الحجية ، ولازم ذلك أنّه لو عمل بالظن واتّفق مخالفته للواقع لم يكن معذورا ويسند إليه أنّه فعل المحرّم الفعلي في حقّه ، وأما إذا اتفق مصادفته للواقع لم يفعل محرّما.
والحقّ أنّ الذي يناسب البحث في المقام هو المعنى الثاني فيقال هل الأصل حرمة العمل بالظن يعني عدم جواز الاعتماد عليه فيعاقب على مخالفة الواقع لو اتّفق كالرؤيا ونحوه ، أو جواز العمل به والاكتفاء به كالقطع فلا يضرّه التخلّف عن الواقع أحيانا ، ويدل على ما ذكرنا أنّ البحث في المقام في قيام الظنّ مقام القطع في الحجية ولزوم المتابعة ، ولا ريب أنّ وجوب متابعة القطع وحرمة مخالفته أيضا بهذا المعنى ، ويظهر من المصنف أنّه جعل البحث في المعنى الأول كما لا يخفى على من راجع كلامه خصوصا استدلاله على أصالة الحرمة بقوله (عليهالسلام) في عداد القضاة من أهل النار : «ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم» (١).
وكيف كان ، فإن كان المراد هو المعنى الأول كما فهمه الماتن فما ذكره حقّ لما ذكره من الأدلة الأربعة ، لكن على أن يكون موضوع حكم الحرمة ما اختاره من التعبّد بالمعنى الأول المساوق للتشريع كما ذكرنا آنفا ، وإن كان المعنى الثاني كما هو الحق فالأصل فيه أيضا الحرمة ، لأنّ العقل يحكم بحكم مستقلّ بأنّ العمل بما لا يؤمن كونه خطأ مخالفا للواقع ليس قاطعا للعذر ، ولا يكتفى به في امتثال التكاليف الواقعية المعلومة حتى لو عوقب على مخالفة الواقع لو عمل به وأخطأ فلا يلومن إلّا نفسه ، ولعل هذا المعنى مدلول قوله تعالى :
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٢ / أبواب صفات القاضي ب ٤ ح ٦.