الحجية وموضوع الاستصحاب ، إذ يصدق الشك في الحجية مسبوقا بالعلم بعدم الحجية ، فينبغي الحكم بجريان القاعدة والاستصحاب في عرض واحد ، بل يمكن أن يقال بتقدم الاستصحاب على القاعدة ، إمّا بناء على ما اختاره المصنف في تعارض الاستصحاب مع سائر الأصول من أنّه حاكم عليها وأنّ نسبة الاستصحاب إلى سائر الأصول كنسبة الأدلة إلى الأصول وإن كان في حكم الأصل بالنسبة إلى الأدلة فإنّ له منزلة بين المنزلتين ، وإمّا لأنّ موضوع القاعدة مقيّد بعدم ورود حكم من الشارع لمورد الشك لا ظاهرا ولا واقعا ، وهو كذلك لأنّ العقل لا يحكم بعدم الحجية إلّا بعد إحراز أنّه لم يصل من الشرع حكم الحجية ولا عدمها ، ولو علم أنّه في السابق لم يكن حجة في الشرع ثم علم أنّ ممّا ورد في الشرع وجوب إبقاء ما كان ، لا يحكم بعدم الحجية قطعا بل يحكم بوجوب متابعة الشرع.
والحاصل : أنّ موضوع حكم العقل المتحيّر من جهة حكم الشرع ، ومن يجري في حقّه الأصل ليس بمتحيّر من قبل الشرع ، وظهر من هذا البيان أنّ الأصل في المسألة تحقيقا هو استصحاب عدم الحجية ، وما تقدم في الحاشية السابقة من تقرير الأصل مبنيّا على حكم العقل مبنيّ على الإغماض عن جريان الاستصحاب أو تقدير عدمه.
قوله : وهذا نظير قاعدة الاشتغال الحاكمة بوجوب اليقين بالفراغ ، إلى آخره (١).
(١) إن أراد بالتنظير أنّ قاعدة الاشتغال كافية في الحكم بوجوب اليقين بالفراغ ولا يحتاج إلى استصحاب هذا الاشتغال ، لأنّ القاعدة بنفسها جارية في
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٢٨.