الشاذ ، إلّا أنّ احتمالها بعيد ، فيصح أن يقال إنّ الرواية الشاذة مما فيه الريب (١).
واعلم أنّه استدل على حجية الشهرة بوجوه أخر ضعيفة حتى أنهاها بعض محشّي المتن إلى تسعة أقواها في النظر قول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في نهج البلاغة : «والزموا السواد الأعظم فإنّ يد الله على الجماعة ، وإياكم والتفرقة فإنّ الشاذ من الناس للشيطان كما أنّ الشاذ من الغنم للذئب» (٢) ، ويقرب منه النبوي (صلىاللهعليهوآله) : «عليكم بالسواد الأعظم» (٣) ، بتقريب : أنّ الأخذ بقول المشهور التزام بالسواد الأعظم المأمور به.
وفيه : أنّ الروايتين ليستا في مقام الالتزام بالسواد الأعظم في الأمور الاجتهادية التي يطلب فيها البرهان لكل أحد ، فإنّه لا بدّ فيها من التماس الدليل على المدّعى ، كما أنّ المشهور تشبّث كل واحد منهم بذيل دليل ، وهذا المجتهد مماثلهم في وجوب تحصيل الدليل على ما يختاره ، نعم لو كان مقام علم وجوب الالتزام بقول الغير أو فعله من غير دليل يجب متابعة السواد الأعظم كالأخذ بقول المقوّمين أو غيرهم من أهل الخبرة وأمثال ذلك.
وبالجملة : نظر الروايتين إلى حال المقلّدة من الناس الذين شأنهم تقليد الناس ، فالزموا بتقليد السواد الأعظم ، والتشبيه بالغنم وأنّ الشاذ منه للذئب شاهد على ذلك.
__________________
(١) أقول : أصل استظهار أنّ الرواية الشاذة مما فيه الريب يعني الشك من قوله : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» غريب ، فإنّ الريب كناية عن الفساد ، ألا ترى أنّ كل من يريد المبالغة في حقيقة مرامه وأنّ المطلب عنده يلحق بالبديهي يقول لا ريب في ذلك ، يعني أنّ خلافه قطعي البطلان ولا ريب في فساده.
(٢) نهج البلاغة : ٣٩٢.
(٣) سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٠٣.