وعرّف أيضا بأنّه خبر جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب ، والمراد بتواطئهم مجرد موافقتهم على الكذب ولو من غير قصد وبناء على الكذب ، فلا يرد أنّ امتناع تواطئهم على الكذب لا ينافي كذبهم بدون التواطي.
وأورد في الفصول (١) على التعريفين جميعا بصدق الحدّ مع قلّة المخبرين كما إذا كانوا ثلاثة أو أربعة وحصل العلم بخبرهم بضميمة القرائن الداخلة لقوّتها مع أنّه لا يسمى عرفا متواترا ، إذ يعتبر فيه أن يكون للخبر كثرة يستند إليها العلم ، ولذا عدل عن التعريفين وعرّفه بأنّه خبر جماعة يفيد العلم بصدقه لكثرتهم ، لإخراج ما أورد على التعريفين ، ثم أضاف في آخر كلامه قيد «عادة» لإخراج القرائن التي تستند إلى أحوال السامع الموجبة لسرعة قطعه بالخبر أو بطئه فإنه لا عبرة بها في تحقق التواتر.
ولا يخفى أنّ مقتضى التعاريف المذكورة عدم وجود حدّ معيّن للكثرة المعتبرة في التواتر ، بل يختلف باختلاف المقامات باعتبار القرائن الداخلة عدما ووجودا قلة وكثرة.
وهل يختلف باختلاف الأشخاص السامعين للخبر حتى يكون خبر واحد شخصي متواترا واقعا عند شخص باعتبار إفادته للعلم به له بملاحظة القرائن الداخلة غير متواتر عند شخص آخر واقعا لعدم إفادته للعلم له ، أو لا يختلف بذلك ، بل الخبر المذكور إما متواتر واقعا ومن لم يحصل له العلم فهو خارج عن العادة الغالبة أو لم يلاحظ القرائن الداخلة حقّ الملاحظة ، أو غير متواتر ومن حصل له العلم كان خارجا عن العادة أو اغترّ ببعض القرائن التي لا تصير سببا لحصول العلم عادة؟ الظاهر أنّ للتواتر حدا واقعيا يفيد العلم عادة لكل من علم
__________________
(١) الفصول الغروية : ٢٦٧.