الإعراض عن التعرّض لهذه الأقوال وأدلّتها والاشتغال بما هو أهم منها.
الثاني : أن يكون إخبارهم عن محسوس أو ما كان له آثار ولوازم محسوسة كالعدالة والشجاعة والسخاوة ونحوها ، فلا يكون الإخبار عن الأمور العقلية ضرورية كانت ككون الكل أعظم من الجزء والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان ، أو نظرية ككون الجسم مركبا من الهيولى والصورة ، وبطلان الجزء الذي لا يتجزّى ، وتناهي الأبعاد وأمثالها متواترا في الاصطلاح وإن بلغ كثرة المخبرين بها ما بلغ ، ولا ينافي ذلك حصول العلم أحيانا ببعض المذكورات وغيرها من إخبار الجماعة لو علم أنّهم يستندون فيه إلى المدارك الواضحة التي يبعد الخطأ فيها كل البعد كبعض مسائل الحساب والهندسة ، إذ ليس كل ما يفيد العلم مسمى بالتواتر.
والسر في اعتبار هذا الشرط واضح ، لأنّ مناط التواتر المصطلح حصول العلم العادي لكل من اطّلع عليه لأجل كثرة المخبرين ، وليس ذلك إلّا في المحسوسات أو ما يرجع إلى المحسوسات لندرة الخطأ فيها ، وأما الأمور العقلية فإنّها محل لكثرة الخطأ فيها نوعا فلا يدخل في الضابط المذكور.
هذا ، مع أنّه استقرّ الاصطلاح على ذلك فلا يقدح دخول بعض ما لم يكن متواترا في مناطه ، وسيظهر أنّ الاصطلاح على ما ذكر في محلّه ، وهكذا كان المناسب في جعل الاصطلاح.
الثالث : ألا يكون السامع عالما بالواقعة قبل سماع الخبر وإلّا لم يفده إخبارهم للعلم لكونه تحصيلا للحاصل.
ولا يخفى أنّه لا كرامة في هذا الشرط بل ساقط من أصله ، لأنّ الخبر المتواتر ما كان من شأنه إفادة العلم بنفسه لا ما كان مفيدا للعلم فعلا ، وقد مرّ أنّ