قوله : فالجملة الشرطية هنا مسوقة لبيان تحقّق الموضوع (١).
(١) التحقيق أن يقال إنّ مثل هذه القضية الشرطية يستعمل في مقامين :
الأول : أن يكون المتكلّم بصدد بيان حال الفاسق وأنّه يجب تأديبه ويجوز غيبته والوقيعة فيه ويجب تثبّت خبره إلى غير ذلك ، ففي مثل هذا المقام لو قال : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(٢) فهو كما ذكره المصنف من أنّ ذكر هذا الشرط لبيان تحقق الموضوع ، ومفهومه السالبة المنتفية الموضوع لا غير لعدم قابليته لغير ذلك ، بل يمكن أن يقال : لا مفهوم لهذه القضية أصلا.
الثاني : أن يكون بصدد بيان حال الخبر وأنّه يجب قبوله مطلقا أو ردّه مطلقا أو تثبّته علما أو ظنّا ثم قبوله إلى غير ذلك ، ففي هذا المقام لو قال : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) يراد منه أنّ النبأ لو جاء به الفاسق يجب تبيّنه ، ومفهومه أنّ النبأ لو جاء به غير الفاسق لا يجب تبيّنه ، وهو مفهوم صحيح وقضيّة سالبة منتفية المحمول.
وما أشار إليه في المتن من أنّ التبيّن المأمور به في منطوق الآية متعلّق بخبر الفاسق وكأنّه قال فتبيّنوا خبر الفاسق ، والمفهوم بحسب الدلالة العرفية والعقلية عدم وجوب تبيّن خبر الفاسق لقضيّة انتفاء نفس الحكم المذكور في المنطوق في المفهوم ، فلا يحتمل السالبة إلّا المنتفية الموضوع ، إذ لا معنى لأن يقال لو لم يجئ الفاسق بالنبإ بل جاء به العادل فلا يجب تبيّن خبر الفاسق.
مدفوع بأنّ تعلّق وجوب التبيّن في المنطوق بخبر الفاسق لأجل أنّه مورد حكم المنطوق لا أنّ النبأ مقيّد بكونه عن الفاسق وإلّا جاز لقائل أن يقول في
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢٥٧.
(٢) الحجرات ٤٩ : ٦.