الرمّان الحامض ، وأمّا إذا كان المعلول ناطقا بما ينافي عموم التعليل فلا نسلّم أولوية الأخذ بعموم التعليل وترجيحه على ظهور المعلل ، بل المدار في الترجيح على أظهرية أحدهما عن الآخر ، فربّما يكون ظهور المعلل أقوى فيؤخذ به ويخصّص به عموم التعليل ، مثلا لو قال القائل : لا تأكلوا الرمان الأبيض أو إذا كان أبيض لأنّه حامض ، بناء على القول بالمفهوم لا يبعد أن يكون ظهور المعلل أقوى من عموم التعليل ، فيقدّم ويحكم بأنّ المراد من التعليل أنّه حامض أبيض لشدة الحموضة فيه أو لغير ذلك ، وأيضا قد يكون ظهور المعلل بمثابة من القوّة بحيث يصرف التعليل من العلّة إلى الحكمة ولو بضميمة غلبة بيان الحكمة في العلل الشرعية الواردة في نظائر المقام.
فتحصّل : أنّ ترجيح ظهور التعليل مبني على كونه أظهر في العلية ، وعلى تقديره أظهر في العموم من ظاهر المعلل ، وفيما نحن فيه كلا الأمرين في محلّ المنع خصوصا الثاني منهما ، بل الأمر بالعكس فيصير التعليل بعد تقييده بمفهوم المعلل لئلّا تصيبوا قوما بجهالة بالعمل بخبر الفاسق فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ويبقى خبر العادل سليما عن المعارض. بل يمكن أن يقال إنّ التعليل خاصّ من وجه آخر وهو أنّ المراد من إصابة قوم بجهالة قتال القوم ونهبهم وسبي ذراريهم ، فيكون مفاده أنّ كلّ خبر يوجب العمل به مثل تلك المفسدة العظمى يجب تبيّنه لئلّا يقع في تلك المفسدة العظيمة ويوجب الندامة البالغة ، ويبقى الخبر الخالي عن مثل تلك المفسدة سليما عن المعارض ، وهذا المقدار يكفينا هاهنا في إثبات الإيجاب الجزئي في مقابل السلب الكلي الذي يقول به السيد وأتباعه.
وما ذكرنا من أنّ ترجيح عموم التعليل على ظهور المعلّل منوط بالأظهرية قد يستكشف من المصنف أيضا ، فإنّه في المقام رجّح عموم التعليل