وفيه منع بيّن ، إذ حكم العقل بقبح الظلم مثلا موضوعه الظلم الواقعي لا ما قطع بكونه ظلما ، ألا ترى أنّه لو كان موضوع حكم العقل منحصرا في القطع لما كان لمسألة الملازمة بين حكم العقل والشرع تصوير معقول ، إذ موضوعات الأحكام الشرعية غير القطع قطعا فيختلف مع موضوعات الأحكام العقلية فكيف يتصوّر تطابقهما حتى يثبت الملازمة بأدلتها أو ينكر.
وكيف كان ، فكون القطع موضوعا لحكم العقل في المثال المذكور صحيح ومرجعه إلى حكم العقل بوجوب متابعة القطع وحجّيته ، وهذا المثال لا مناقشة فيه على ما قرّرنا ، وكذا المثال الثاني على مذهب صاحب الحدائق ، بخلاف باقي الأمثلة فإنّها محل المناقشة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولا بأس بذكر بعض أمثلة القطع الموضوعي الذي ظفرنا به :
منها : القطع الذي اعتبر موضوعا لحكم الاستصحاب ، فإنّ موضوع حكم حرمة النقض في قوله «لا تنقض اليقين» هو اليقين السابق.
ومنها : الاعتقادات الواجبة فإنّ موضوع حكم الوجوب نفس العلم ، وكذا العلم بالمسائل الفرعية مقدمة للعمل بها.
ومنها : العلم بالعوضين المأخوذ في صحّة المعاملة فإنّه مأخوذ على وجه الموضوعية ، لأنّ ارتفاع الغرر الذي هو مناط الصحّة لا يحصل إلّا بالعلم بالعوض وجودا وجنسا ووصفا وقدرا ، لا بنفس التعيّن الواقعي.
ومنها : العلم بالضرر المأخوذ في جواز إفطار الصائم وحرمة السفر ونحوهما.