المظنون ، لأنّ هذا الحكم العقلي يكفي في كونه بيانا رافعا لموضوع حكم العقل بالبراءة ، أو يقول بأنّ أصالة البراءة حجة من باب الظن لا التعبّد ، ومع الظن بخلافها كيف يحصل الظن بالبراءة ، لكن الظاهر أنّ من يقول بحجية أصل البراءة من باب الظن يريد الظن النوعي لا الشخصي ، فحينئذ يمكن اجتماع الظن النوعي على البراءة مع الظن الشخصي على خلافه ، إلّا أن يقال إنّ دليل حجية الظن بالبراءة يقتصر الحكم على ما لم يظن بخلافه فعلا.
ثم اعلم أنّ مقتضى هذا الدليل على فرض تماميته حجية الظن في الموضوعات أيضا كالأحكام لجريان الدليل فيها بعينه ، وأيضا ليس الدليل مبنيا على الانسداد الغالبي في الأحكام كما في الدليل الرابع ، بل لو كان باب العلم منفتحا في جميع المسائل سوى واحدة وظن فيها الحكم الإلزامي يجب العمل بالظن فيها بحكم هذا الدليل.
قوله : أما الصغرى فلأنّ الظن بالوجوب ، إلى آخره (١).
(١) قد أحال المستدل ثبوت الكبرى إلى وضوح استنادها إلى حكم العقل المستقل بلزوم دفع الضرر المظنون ، وأخذ في بيان إثبات الصغرى ، وهو كذلك فإنّ العقل مستقل بلزوم دفع الضرر المظنون بل المحتمل احتمالا عقلائيا إذا كان الضرر عظيم الخطر كالعقاب الاخروي وجملة من أفراد الضرر الدنيوي ، ويمكن أن يجعل كبرى القياس ما لا يحتاج إلى إثبات كون مخالفة الحكم المظنون ضررا وهو أن طاعة المولى واجب ومخالفته قبيح بحكم العقل المستقل ولو لم يكن هناك عقاب أصلا قضية العبودية وأنّ المولى مستحق للعبادة والإطاعة ، مضافا إلى اقتضاء جهة المربوبية ذلك أيضا ، فكل ما علم أو ظنّ أو
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٦٧.