فالأولى في ردّ هذا الجواب ـ كما قيل ـ أن يقال إنّه لو ظنّ مقتضي المفسدة فاحتمال وجود المانع عن أثر المقتضي أي التدارك المذكور موهوم لا ينافي الظن بالضرر ، ولا بأس به في الجملة لا مطلقا ، إذ قد يكون احتمال وجود المانع قويا بل ربما يكون مظنونا فلا وجه لعدم اعتناء العقلاء به ، فالأولى أن يجاب عن هذا الشق بما مرّ في صدر وجه الاستدلال من أنّ المفاسد النفس الأمرية التي لا نعلم وجودها ولا عدمها إلّا ببيان من الشارع حالها حال العقاب ، فلو قلنا في الشق الأول إنّ العقاب مأمون عليه لأنّ ترتّبه مشروط بالعلم نقول هنا أيضا إنّ ترتب المفسدة مأمون عليه بعد عدم بيان من الشارع ، فنستكشف أنه لا مفسدة في الفعل أو يكون مفسدته متداركة.
نعم فرق بينهما من جهة أنه لا مقتضي للعقاب مع الجهل بالحكم ، بخلاف المفاسد النفس الأمرية في الأفعال فإنها مقتضية للمفاسد إلّا أن الجهل مانع من ترتبها ، وهذا الفرق غير فارق فيما نحن فيه ، إذ ترتب الضرر مأمون على التقديرين ، هذا مع أنا نمنع عدم المقتضي للعقاب مع الجهل ، بل نقول نفس مخالفة المولى بالنسبة إلى الحكم الواقعي مقتض للعقاب والجهل به عذر مانع عن فعليته (١).
قوله : وأضعف من هذا الجواب ما يقال (٢).
(١) ظاهر العبارة أنّ هذا الجواب جواب عن الشق الثاني ، والظاهر توجه الجواب على الشقّين كليهما ، إذ يقال على الشق الأول أيضا إنّ ترخيص الشارع
__________________
(١) أقول : الانصاف أنّ المقتضي للعقاب هو العصيان والتمرد المفقود في حال الجهل ، وبعبارة أخرى المقتضي فعل القبيح من حيث قبحه الفاعلي لا الفعلي ، وليس ذلك إلّا حال العلم بالحكم كما لا يخفى.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٧٥.