منسدا في مسائل أخر وهكذا في سائر فرق المكلفين من المسافر والحاضر والصحيح والمريض ونحوها بالنسبة إلى ما يتعلق بهم من التكاليف ، فإنّه وإن كان يصدق انسداد باب أغلب الأحكام بالنسبة إلى أحكام مجموع المكلفين إلّا أنّ هذا لا يكفي في المقام ، إذ لو أفتى المفتي في الفرض المذكور بوجوب الاحتياط لا يلزم حرج على واحد من المكلفين ، لأنّ كل فرقة مكلف ببعض تلك الأحكام التي انسد فيها باب العلم ، والمفروض أنّ هذا البعض مسائل معدودة يسهل الاحتياط فيها فلا تجري المقدمات المنتجة لحجية الظن.
نعم لو كان بعض المكلفين ممن انسد باب العلم بأغلب الأحكام المتعلقة به بالخصوص يثبت حجية الظن بالنسبة إليه بالخصوص بضميمة باقي المقدمات ، وهذه الدقيقة مما يقصم ظهر هذا الدليل القويم فلا تغافل.
قوله : الثانية : أنّه لا يجوز لنا إهمال الأحكام المشتبهة (١).
(١) يعني أن نحكم بعدم كوننا مكلفين واقعا كالأطفال والمجانين أو ظاهرا كالجاهلين المعذورين ، وهل يعتبر العلم بهذه المقدمة كما هو ظاهر المتن أم يكفي الظن بها؟ الأظهر أنه يكفي الظن بعدم جواز الإهمال ، إذ على تقدير الظن أيضا لا تجري أدلة البراءة من عقلها ونقلها حتى يحكم بالبراءة على ما مرّ بيانه في ضمن الدليل الأول من هذه الأدلة الأربعة ، وإجماله أنّ حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان مخصوص بغير ما بيّن واختفى البيان من جهة العوارض ، والأدلة النقلية منصرفة إلى غير صورة قيام الظن على خلافه ، وبعد عدم جريان أدلة البراءة يجب دفع الضرر المظنون بحكم العقل المستقل.
فإن قلت : فعلى هذا البيان يرجع هذا الدليل إلى الدليل الأول.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٨٤.