بإجراء البراءة بأن تتعارض عنده أدلة البراءة والاحتياط عقلها ونقلها ولم يرجح شيئا منهما.
أما الدليل العقلي على البراءة من قبح العقاب بلا بيان فيعارضه حكم العقل بوجوب دفع الضرر المظنون بل المحتمل وفرضنا عدم حكومة أحدهما على الآخر في عقله.
وأما الدليل النقلي على البراءة من الكتاب والسنة فيعارضه أخبار الاحتياط وفرضنا عدم حكومة أحدهما على الآخر في نظره ، فإنّ مثل هذا الشخص ليس قاطعا بالبراءة الظاهرية أيضا ، بل ولا ظانّا.
قوله : وإن أراد الحكم الظني سواء كان بسبب كونه بذاته مفيدا للظن (١).
(١) لا يخفى أنّ تقسيم حكم العقل إلى القطعي والظني بالبراءة في صدر الكلام ، لا يناسبه ردّ حكمه الظني بأنّه ظنّ مستفاد من ظاهر الكتاب والأخبار التي لم تثبت حجيتهما بالخصوص.
قوله : وإنّما ذهب من ذهب إلى وجوب الاحتياط ، إلى آخره (٢).
(٢) فساد ما زعموه غير خفيّ ، لأنّ المراد بالبيان في قولهم بقبح المؤاخذة من دون البيان هو بيان الحكم الواقعي ، والاحتياط ليس إلّا بيانا لحكم حال الجهل ، وهو أصل من الأصول في عرض أصل البراءة والاستصحاب ، ولو سلّم صحة ما زعموه أيضا وسلّم عدم خلافهم بقبح العقاب بلا بيان ، أيضا لا تصير المسألة إجماعية كما أراده المصنف ، غاية الأمر أنّه إجماع تقييدي لا حجية فيه ، ولو
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٩٨.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٩٩.