سبحانه بأنّ كل تكليف يكون حرجا على المكلف لم يجعله.
والجواب : أنّ الآية بصدد بيان أنّ التكاليف المجعولة في الشريعة لا حرج فيها كما كان في الشرائع السابقة من صوم الوصال وقرض اللحوم بالمقاريض إذا أصابتهم قطرة بول وكون التوبة بمقابلتهم بالسيف وأمثالها ، وبعبارة أخرى لم يكلف التكاليف الحرجية العظيمة مثل ما كلف في الأمم السابقة منة على هذه الأمة المرحومة ، لا أنّ هذه التكاليف الثابتة بعموم أدلتها كالصلاة والصوم والزكاة لم يجعل أفرادها الحرجية.
لا يقال : مقتضى وقوع النكرة يعني لفظ الحرج في سياق النفي ارتفاع جميع أفراد الحرج لا خصوص ما ذكر وبقاء جملة من التكاليف الحرجية ، فإنّ ذلك يحتاج إلى مخصص مفقود.
لأنّا نقول : وجود التكاليف الحرجية في الشريعة في الجملة ولو في مثل الجهاد مما لا ينكر ، وهذا مناف لعموم رفع الحرج على أيّ معنى حملت الآية ، فالإشكال مشترك والأجوبة عنها على ما سيأتي أيضا مشتركة ، والمعنى الذي حملنا الآية عليها لأجل السياق وأنه سبحانه بصدد بيان حكمة الجعل لا علة الحكم يدور مدارها كما ذكرنا في الآية السابقة (١).
__________________
(١) أقول : الانصاف أنّ ما ذكر في الآية السابقة من عدم جواز حمل قضية رفع العسر على العلة لا يجري هنا ، إذ يمكن أن نلتزم هنا بأنّ المراد الحرج الشخصي وينطبق على المورد أعني تبدل حكم الوضوء بالتيمم إذا كان تحصيل الماء للوضوء حرجا من غير نقض ، أو نلتزم بالحرج النوعي ونقول بارتفاع كل حكم بلغ عسر امتثاله إلى هذا الحد أي حدّ العسر الذي نحكم فيه بارتفاع حكم الوضوء وانتقاله إلى التيمم ، ولا محذور فيه كما كان في الآية السابقة.