المطلب الرابع : في بيان نسبة قاعدة الحرج مع سائر الأدلة المثبتة للتكاليف. فاعلم أنّه يظهر من جماعة على ما حكي كما هو صريح العوائد أنّه يلاحظ نسبتها مع الأدلة كنسبة باقي الأدلة بعضها إلى بعض بالتعارض ، فما كان أخص مطلقا من القاعدة يقدم عليها وما كان أخص من وجه يقدم ما كان أظهر دلالة منه ومن القاعدة ، وإن تساويا فيرجع إلى المرجحات السندية إن وجدت وإلّا فالتخيير أو التوقف ، لكن المصنف (رحمهالله) يقول بحكومة القاعدة كقاعدة الضرر على سائر الأدلة ولا يلاحظ النسبة أصلا ، فأدلة الحرج والضرر مقدمة على أدلة الأحكام طرا سواء كانت النسبة بينها وبينها عموما مطلقا أو من وجه.
ومعنى الحكومة على ما حققه في غير موضع أن يكون الحاكم بمدلوله اللفظي مفسرا للمحكوم وناظرا إليه ، مثاله الواضح أن يقول أكرم العلماء ثم يقول أعني من ذلك عدولهم ، وترجع الحكومة في الحقيقة إلى التخصيص لكن بلا ملاحظة النسبة ، وفرق بينها وبين التخصيص بأنّ وجه التخصيص حكم العقل بتقديم الخاص على العام بسبب قوة دلالة الخاص من العام على مورد الخاص ، ووجه الحكومة انفهام تقدم الحاكم على المحكوم من دليل الحاكم بمدلوله اللفظي ، ولازم ذلك تقديم الحاكم وإن كان المحكوم أقوى دلالة بمراتب وكان الدليل الحاكم في أول مراتب الظهور.
__________________
عبد الأعلى لا يصدق عليه الحرج عرفا حتى يراد من الآية ما هو بمرتبته حتى يرد الإشكال ، غاية الأمر خفاء وجه التعليل علينا وكم له من نظير ، ومن راجع علل الأحكام الواردة عنهم (عليهمالسلام) يجد صدق ما ذكرنا وأنه لا تنطبق العلة على المعلل غالبا بحسب عقولنا ، فليكن هذا من ذاك.