التكاليف الحرجية المرفوعة بتسليم من الخصم إنما كانت حرجية لأجل الطوارئ كما لا يخفى.
ويحتمل بعيدا أن يريد الفرق بين الأحكام الثابتة بالأدلة الشرعية وبين الأحكام الثابتة بإمضاء الشارع للأحكام العقلية كما فيما نحن فيه من إمضاء الشارع حكم العقل بوجوب الاحتياط ، فيدعى انصراف أدلة نفي الحرج إلى القسم الأول ، وله وجه إلّا أنّ التحقيق كما عرفت سابقا في ذيل بيان قاعدة الحرج عدم الفرق بينهما وأنّ دعوى الانصراف ممنوعة.
قوله : مع إمكان أن يقال بأنّ ما ألزمه المكلف على نفسه من المشاق خارج من العمومات (١).
(١) وبعبارة أخرى فرق بين ما ألزم المكلف على نفسه أمرا شاقا بالغا حد الحرج بالاجارة أو النذر ونحوهما فلا يرتفع لأنّه غير مناف للامتنان الذي سيق أدلة رفع الحرج إليها ، بل المناسب للامتنان عدم منعه عما التزمه على نفسه على حسب ميله وإرادته ، وبين ما أدخل المكلف نفسه في موضوع حكم مطلق يكون ذلك الحكم بالنسبة إليه حرجا فيرتفع الحكم عنه بحكومة أدلة رفع الحرج على إطلاق ذلك الدليل.
وبعبارة أخرى أنّ المكلف أقدم على الحرج في القسم الأول فلا يرتفع دون الثاني.
ويمكن أن يجاب : بأنّ المكلف أقدم على الحرج في القسم الثاني أيضا لأنّه بعد ما علم أنّ حكم الشارع في هذا الموضوع كذا وأدخل نفسه في ذلك
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٤١٤.