تعيين ترك العمل بالاحتياط في خصوص الموهومات بحكم العقل ، ومن ذيل كلامه في خلال الاعتراضات والأجوبة أنّ التعيين بحكم الإجماع بمعنى أنّ مصب الإجماع القائم على عدم وجوب الاحتياط التام هو الاحتياط في الموهومات ويتردد في كون المشكوكات أيضا مشمولا للإجماع أم لا ، ونحن نتكلم على كل واحد من الوجهين فنقول :
أما التمسك بالإجماع على تعيين الموهومات لعدم الاحتياط فيها ، ففيه بعد الإغماض عما مر سابقا من منع هذا الإجماع بالمرة ، أنّ الإجماع متحقق على عدم لزوم الاحتياط التام ولا تعرّض له في تعيين مورد ترك الاحتياط عن غيره بل ساكت عن هذا ، فيرجع فيه إلى حكم العقل ، ولو فرض أنّ الإجماع متكفل لتعيين المورد فنقول إنّه يعين كون العمل على خصوص الظن لا الاحتياط في المشكوكات أيضا ، وهذا هو الأظهر لأنّك إن راجعت كلمات المجمعين تجدهم متابعين للظن في المظنونات عاملين بالأصول المقررة للشاك في مشكوكاتهم لا الاحتياط فيها أيضا كالمظنونات.
وأما التمسك في ذلك بحكم العقل بتقريب أنّ العقل يحكم بلزوم الأخذ بالراجح وترك المرجوح بعد أن لم يجب الأخذ بالراجح والمرجوح معا ، ففيه : أنّ جهات الترجيح متعددة متكثرة غير منحصرة في كون الاحتمال مظنونا ليكون الموهومات مرجوحة طرا بهذه الملاحظة ، بل سلسلة الموهومات أيضا مختلفة في الرجحان بنظر العقل ، لأنّ الموهوم المقابل للظن الضعيف أرجح في نظر العقل من الموهوم المقابل للظن القوي ، فلعل العسر يرتفع بترك الاحتياط في الثاني فقط ، فمن جهات الترجيح أن بعض الموهومات أو المشكوكات مما قامت عليه أمارة ظنية غير ثابت الحجية أو مظنون الحجية بظن غير ثابت الحجية فإنّه أرجح ممّا لم يقم عليه ذلك ولو كان من المظنونات.