وموضوعية القطع الموضوعي أيضا مأخوذة في دليله ، فلو قال الشارع مثلا : الظن بمنزلة العلم ، ويراد به عموم المنزلة في جميع ما للعلم من الطريقية في مقام والموضوعية في مقام آخر فمن أين يلزم استعمال اللفظ في معنيين ، وفي أي لفظ من ألفاظ القضيّة المذكورة يلزم ذلك في لفظ الظنّ أو في لفظ المنزلة أو لفظ العلم ، وهذا نظير أن يقال مثلا : وضعت لفظة عن للمجاوزة تارة ولمعنى الجانب أخرى ، ثم يقال وضعت لفظة من كعن يعني في معنييه الحرفيّ والاسمي ، وظاهر أنّه لا يلزم استعمال لفظ في معنييه كما لا يخفى.
ثم بعد ما عرفت إمكان جعل الطريق التنزيليّ والموضوع التنزيلي بلسان واحد فهل يوجد في أدلّة جعل الأمارات والأصول ما يفيد ذلك في ظاهر الدليل لكي نحمله على ظاهره أم لا ، الظاهر لا ، لأنّ أدلة الأمارات على ما بأيدينا لا تفيد إلّا جعل مؤدّاها بمنزلة الواقع ولم يؤخذ فيها لفظ علم وقطع ، وكذا أدلّة الأصول لا يستفاد منها إلّا وجوب العمل على طبقها.
نعم ، قد أخذ في دليل الاستصحاب لفظ اليقين ، ويمكن بالنظر البدويّ إرادة الجامع بين المعنيين كأن يكون معنى «لا تنقض اليقين» أحكم ببقاء اليقين طريقا فيما كان اليقين طريقا ، وموضوعا فيما كان موضوعا ، لكن الظاهر المنساق إليه اللفظ هو الأول (١).
تنبيهان :
الأول : أنّه قد توهّم بعضهم انحصار القطع الموضوعي في هذا القسم الثاني
__________________
(١) أقول : لا يبعد إرادة الجامع بناء على ما قدّمنا من أنّ معنى «لا تنقض اليقين» أحكم ببقاء اليقين تنزيلا ، لا ما ذكره المصنف من أنّ معناه الحكم ببقاء المتيقّن فليتأمّل.