لو كان بناء العرف والعقلاء الجري على مقتضى الحالة السابقة في زمان الشك مطلقا مع قطع النظر عن التعبّد الشرعي بذلك ، ثبت وجوب التصدّق على تقديره ، إلّا أنّه ليس ذلك لأجل الاستصحاب التعبّدي الذي نتكلّم في قيامه مقام القطع وعدمه.
فإن قلت : بعد حكم الشارع بوجوب الوفاء بالنذر أو الشرط يصير ذلك أيضا في عداد المجعولات الشرعية يترتّب عليه ما يترتّب عليها.
قلت : ليس كذلك ، لأنّ ما يدل على وجوب الوفاء لا يزيد على إمضاء الشارع ما التزمه الناذر والشارط على نفسه على حسب الملتزم ، ولم يتصرّف فيه بتعميم ولا تخصيص في الملتزم ولا فيما علّق عليه.
والجواب : أنّ دليل الاستصحاب عام لكل ما يترتب عليه على تقدير بقائه حكم شرعي وإن لم يكن من المجعولات الشرعية ، ولا ينافي ذلك كون مفاد دليل وجوب الوفاء إمضاء مجعول الناذر ، لأنه يحكم حال الشكّ في الحياة بأنّ التصدّق حينئذ مما التزم به الناذر بحكم الاستصحاب وقد أمضاه الشارع ، ولم يحكم بوجوب التصدق على تقدير عدم الحياة أيضا ليكون مخالفا لدليل الإمضاء.
بل يمكن أن يقال : لو حكم الشارع بوجوب التصدّق على بعض تقادير عدم الحياة كأن يقول : من مات وله صدقة جارية فهو بمنزلة من لم يمت يعني في الأحكام ، لم يكن مخالفا لدليل الإمضاء ، إلّا أنّه حكم آخر ثبت من الشارع مترتبا على نذر الناذر ، ونظيره ما لو نذر قراءة القرآن مثلا متوضئا غافلا عن كون شيء بدلا عن الوضوء ، فإذا جعل الشارع التيمم بدل الوضوء في حكمه نحكم بصحة برّ نذره بالقراءة متيمّما بتقريب ما مرّ.