وبوجه آخر : إنّما الواجب هو التصدّق على تقدير الحياة بعنوان أنّه منذور به ، واستصحاب الحياة لا يثبت كون التصدّق على تقديره منذورا به.
والتحقيق أن يقال : إنّه لو كان اليقين بالحياة المشكوكة في زمن تحقّق النذر وبعد الحكم بانعقاده ثم حصل الشك ، فالحقّ ما ذكره المصنّف من أنّه يكفي في الوجوب الاستصحاب ، لأنّ المستصحب حينئذ هو الحياة المعنونة بعنوان كونها ما علّق عليه النذر ولا إشكال ، وإن كان زمان اليقين السابق بالحياة قبل زمان النذر فحينئذ ينظر إلى أدلّة وجوب الوفاء بالنذر ، فإن دلّت على وجوب إتيان ما ألزمه الناذر على نفسه من غير اعتبار عنوان بأن يفهم منها أنّ النذر شيء من أسباب وجوبه ومن المعلوم عدم تقيّد الحكم وكذا متعلّق الحكم بعنوان السبب إلّا بدليل آخر غير دليل السبب المفقود فيما نحن فيه بالفرض فكالأول وهو ظاهر ، وإن دلّت على وجوب الإتيان بعنوان النذر وبعنوان الوفاء بالوعد مع الله ، فالحق ما ذكره المورد من أنّه لا يمكن إثبات مورد الحكم بالاستصحاب ، وهذا هو الظاهر من الأدلّة كما لا يخفى على من راجعها ولاحظ نظائرها مثل «المؤمنون عند شروطهم» (١) و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٢) و (الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا)(٣) وأشباهها ، فإنّ الظاهر منها وجوب المضيّ على ما جعل نفسه بانيا عليه والعمل على عهده وميثاقه ، فليتأمل.
الثاني : أنّ دليل الاستصحاب لا يجري إلّا بالنسبة إلى مجعولات الشارع حكما أو موضوعا لا فيما هو مجعول للناذر والشارط فإنّه تابع لجعله ، ومن المعلوم أنّ الناذر التزم بالتصدّق على تقدير الحياة الواقعية لا الاستصحابية ، نعم
__________________
(١) الوسائل ٢١ : ٢٧٦ / أبواب المهور ب ٢٠ ح ٤.
(٢) المائدة ٥ : ١.
(٣) البقرة ٢ : ١٧٧.