إذا تمهّد ذلك فنقول : يمكن تحرير النزاع بوجوه ثلاثة :
الأول : أن يقال : هل الإقدام على القبيح قبيح مع عدم المصادفة أم لا؟
الثاني : أن يقال : هل الإقدام على مبغوض المولى قبيح أم لا مع عدم المصادفة؟ وهذا أخص من الأوّل لعدم شمولاه للقبائح العقلية والعادية التي لا مدخل لها بكونها بين العبد والمولى.
الثالث : أن يقال : هل الإقدام على مبغوض الشارع قبيح مع عدم المصادفة أو لا؟ وهذا أخص من سابقه لعدم شمولاه لمبغوضات غير الشارع من الموالي العرفية.
ولا يخفى أنّ تحرير النزاع على الوجه الثالث يكفينا فيما نحن بصدده من كونه سندا للحكم الشرعي الفرعي ، إلّا أنّ مناط النزاع أعمّ منه ومن الوجه الثاني ، بل الأول كما سيظهر إن شاء الله تعالى ، وتحرير المصنف مطابق للوجه الثالث وإن كان أخصّ من أجل أخذ العنوان مخالفة خصوص القطع لا مطلق مخالفة الحجّة على ما ذكرنا من أنّ المناسب جعله عنوانا للنزاع ، هذا.
وتحقيق الحقّ في المسألة يبتني على تمهيد مقدّمة : وهي أنّ الإطاعة والعصيان من العناوين الثانوية للفعل والترك بالنسبة إلى المأمور به والمنهيّ عنه ، فالصلاة والصوم والحج مثلا عنوان أوّلي للفعل ، وكونها موافقا للأمر بها
__________________
وعوارضه لا البحث عن وجود الموضوع في مورد خاص كما نحن فيه أو مطلقا ، والنزاع فيما نحن فيه نظير النزاع في أنّه هل تحقّق الإجماع في مسألة خاصة أم لا ، وهذا ليس من المباحث الأصولية ولعله من المبادي ، نعم لو جعلنا الدليل العقل نفسه يكون حكم العقل من عوارضه ، فالبحث عنه بحث عن أحوال الدليل ، لكن في جعل الدليل نفس العقل دون حكمه ما لا يخفى.