عنوان آخر لها يسمى بالإطاعة.
وقد يتوهّم أنّ عنوان الإطاعة عين عنوان نفس الأفعال ولا فرق بينهما إلّا بالعموم والخصوص ، والأمر بالإطاعة أمر بالصوم والصلاة والحج بعبارة جامعة ، فكأنّه قال : افعل هذه الأفعال ويلزمه أن يكون الأمر بالإطاعة تأكيدا للأوامر الخاصة المتعلّقة بهذه الأفعال ، وهذا مثل أن يقال : أكرم زيدا العالم وعمرا العالم وبكرا العالم إلى آخر الأفراد ثم قال : أكرم العلماء. والحق تعدّد العنوانين كالضرب والتأديب والقيام والتعظيم ، ويشهد بذلك كون نفس الفعل واجبا مولويا شرعيا والإطاعة واجبا إرشاديا عقليا ، وهكذا عنوان العصيان بالنسبة إلى فعل المنهيّ عنه أو ترك المأمور به بالمقايسة.
ثم لا ريب في أنّ استحقاق الثواب والعقاب يناط بالإطاعة والعصيان في الجملة ، ولكن الإشكال في أنّ منشأ هذا الاستحقاق هل هو نفس الفعل بمناط الإطاعة والعصيان وبشرطهما أو نفس الإطاعة والعصيان؟ الظاهر هو الثاني بحكم العقل ظنّا ، ويحتمل الأول ، هذا في استحقاق الثواب والعقاب العقلي.
وأما الثواب والعقاب الجعليان الثابتان بالشرع فيجوز على نفس الفعل وعلى عنوان الإطاعة والمعصية ، فهما حينئذ تابعان للجعل ولا دخل لهما لما نحن بصدده (١) ، هذا.
__________________
(١) أقول : لم يظهر لي ارتباط هذه المقدمة بمسألتنا هذه ، وقد أوردت ذلك على السيد الأستاذ (دام إقباله) فأجاب بأنّها قد تثمر في بعض المباحث الآتية فتأمل ، ثم أبدل المقدّمة بمقدمة أخرى وهي أنّ مناط استحقاق الثواب في فعل المأمور به وترك المنهيّ عنه ، وكذا مناط استحقاق العقاب في فعل المنهيّ عنه وترك المأمور به يمكن أن يكون من جهة حسن الفعل وقبحه من حيث وقوعه في الخارج وأنّه موجود قبيح أو حسن قد فعله