استحقاق العقاب على أمر غير اختياريّ ، وأما من لم يصادف قطعه الواقع فهو ليس مستحقا للعقاب لأنّه لم يوجد ما هو سبب للاستحقاق وإن أراده ، ويكفي في علّة عدم الاستحقاق عدم علّة الاستحقاق وهي إيجاد المحرّم الواقعي عن اختيار وقصد.
قوله : فإنّ العقاب بما لا يرجع بالاخرة إلى الاختيار قبيح (١).
(١) ليس الكلام في فعلية العقاب حتى يقال إنها بالنسبة إلى ما لا يرجع إلى الاختيار قبيح ، وعدم العقاب بالنسبة إلى ما لا يرجع إلى الاختيار غير قبيح ، بل الكلام في استحقاق العقاب ، فإذن الأولى تقريب الجواب بما ذكرنا في الحاشية السابقة وهو مراد المصنف أيضا على الظاهر ، وهذا التعبير منه مبنيّ على المسامحة.
قوله : كما يشهد به الأخبار الواردة في أنّ من سنّ سنّة حسنة (٢).
(٢) وجه الاستشهاد : أنّ كثرة عقاب من اتفق كثرة العامل بسنّته السيئة لأمر يرجع إلى اختياره ، وهو مستحق لها لأنّه فعل بعض مقدمات فعل العصاة باختياره ، وقلّة عقاب من اتّفق قلّة العامل بسنّته وإن كان لأمر لا يرجع إلى اختياره إلّا أنّه غير قبيح ، لكن يرد على هذا إشكال على الرواية تقريره أنّ من اتّفق كثرة العامل بسنّته إن لم يستحق أوّلا بفعله ذلك العقاب الكثير ، وكان كثرة عمل العصاة بسنّته سببا لكثرة عقابه ، فلا ريب أنّ ذلك خلاف العدل ، وإن استحق بفعله ذلك العقاب الكثير ليوافق قواعد العدل فلا ريب أنّ ذلك الآخر الذي اتّفق قلّة العامل بسنّته يساويه في الفعل بالفرض ، فهو أيضا مستحقّ لمثل ذلك العقاب
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٤٠.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٤٠.