المتأخّرين في نتيجة دليل الانسداد ، ويشمل ما يوجب الظنّ الفعليّ كخبر الواحد لو اعتبر مشروطا بحصول الظنّ الفعلي كما قد ينسب إلى البهائي (رحمهالله) ، ويشمل ما يوجب الظنّ النوعيّ كخبر الواحد على مذاق القوم ، ونفس الظنّ النوعي من دون ملاحظة سببه إمّا مطلقا أو بشرط عدم الظنّ الفعلي على خلافه (١).
ويشمل أيضا ما لو اعتبر الشارع ما يكون ناظرا إلى الواقع بلسانه ولو لم يوجب الظنّ الفعليّ أو الشأني ، نظير اعتبار يد المسلم وسوق المسلمين في الموضوعات في الحكم بالملك والطهارة والتذكية ونحو ذلك ، وذلك مثل أن يقول : صدّق المرأة على ما في رحمها من الحيض والحمل ، فقولها يصير حجّة ودليلا ، وكذا يشمل ما إذا اعتبر ما لا يكون ناظرا إلى الواقع أصلا ، إلّا أنّه يعتبره بعنوان الطريقية ، كأن يقول : إذا شككت بين الثلاث والأربع فإنّك صلّيت أربعا فسلّم وانصرف.
فإن قيل : إذا لم يكن الشيء في نفسه طريقا إلى الواقع كيف يعقل جعله طريقا ، فإنّ الطريقية وعدمها من الأمور النفس الأمريّة التي لا تتغيّر عمّا هي عليها واقعا ، والذي يعقل جعله في المورد ترتيب آثار الواقع على مورد الجعل ، وهذا مفاد الأصل لا الدليل كما لا يخفى.
قلنا : هذا مبنيّ على ثبوت الأحكام الوضعيّة على ما سيأتي تصويرها في محلّه ، فما هو الجواب هناك هو الجواب هنا ، فإنّ الطريقيّة أيضا من أحكام الوضع ، فلا نطيل الكلام هنا.
__________________
(١) أقول : نحن لا نتعقّل اعتبار نفس الظنّ النوعيّ ، فإنّه أمر معدوم توهّمه الخاطر باعتبار أنّ شأن السبب الكذائي أن يحدث الظنّ الفعليّ عقيبه غالبا ، وحينئذ فإن اعتبره الشارع ظاهرا نحمله على اعتبار ذلك السبب ، فسقط هذا القسم.